ريف دير الزور.. خارج الصراع.. الإنتاج الزراعي (يقاوم بصمت)!
توقف العمل بالمقر الأول لمديرية زراعة دير الزور الكائن في منطقة الحسينية خلف الجسر المعلق، منذ شهر 6 عام 2012، ولكن لم يتوقف العمل على الرغم من تبدل المقرات بين الرقة، وبين مكاتب متعددة في محافظة الدير تغيرت مع تغير الظروف الأمنية. استمرار العمل الإداري والنشاط الزراعي الرسمي، عدا عن كونه واجباً طبيعياً، يبدو ضرورة، فالمحافظة وريفها الذي لا يذكره الإعلام إلا في سياق أخبار الصراع الدائر في البلاد، لا تزال تنتج جزءاً لا بأس به من محاصيلها الرئيسية، في محاولة لمزارعيها للبقاء في أراضيهم، وكسب عيشهم منها.
أنتجت دير الزور في عام 2011: 10 % من إنتاج القمح السوري- 15,6% من القطن، 6% من الشعير، 10,2% من الشوندر، 16 % من الذرة الصفراء، بناء على أرقام الإحصائيات الرسمية.
وبما أن المحافظة منذ عام 2012 تعتبر واحدة من ساحات الصراع الحامية في البلاد، فإن هذا الإنتاج شهد تراجعات كبيرة بطبيعة الحال. (قاسيون) حصلت على تقرير حول نشاط مديرية الزراعة والإصلاح الزراعي في المحافظة لموسم 2013-2014، يتبين من خلاله بعض جوانب واقع الإنتاج الزراعي في المحافظة في ظروف الموسم الزراعي الثالث في الحرب.
المقارنات المقدمة مع بيانات عام 2011 التي لم تشهد تأثراً كبيراً في الإنتاج الزراعي، تفيد لتوضيح مستوى تراجع الإنتاج في المحاصيل الرئيسية: (الجدول المرفق)
القمح 200 ألف طن
أرقام زراعة القمح في محافظة دير الزور في عام 2011: المساحات المزروعة 84639 هكتار – الإنتاج: 335282 طن. أما بالنسبة لموسم 2013-2014: المساحات المزروعة: 82734 هكتار – الإنتاج: 206835 طن- المورد: 28183 طن. المورد من المزروع تقديرياً: 13,6%، بالتالي فإن التراجع في المساحات: 2.2% فقط، أما التراجع في الإنتاج فيبلغ: 38%، بينما يبلغ التراجع في المورد للدولة: 91 %.
الشعير قرابة 10 آلاف
أرقام زراعة الشعير في محافظة دير الزور في عام 2011: المساحات المزروعة: 35590 هكتار – الإنتاج: 5994 طن. أما بالنسبة لموسم 2013-2014 : المساحات المزروعة: 9961 هكتار – الإنتاج: 19922 طن. التراجع في المساحات: 72%- يقابلها زيادة في الإنتاج المتوقع بمقدار: 14 ألف طن تقريباً، أي بمقدار 233%؟!
والحديث هنا حول الشعير الحب، وليس الرعوي. الذي تراجع إنتاجه بمقدار كبير، وربما يعود سبب ارتفاع زراعة الشعير الحب، إلى عدم حاجته إلى الري والعمل الزراعي وبالتالي أقل تكلفة من المحاصيل الأخرى من جهة، وإلى تحفز المزارعين مع حديث الحكومة عن استلام حبوب القمح والشعير في موسم 2014، إلا أن تقرير مديرية زراعة دير الزور، يشير إلى أن المورد إلى الدولة من الشعير الحب، يبلغ: (صفر طن) لأن الدولة لم تستلم محصول الشعير!.
الذرة الصفراء 30 ألف طن
أرقام زراعة الذرة الصفراء في عام 2011: المساحات المزروعة: 15623 هكتار – الإنتاج: 47159 طن. أما أرقام موسم 2013-2014: المساحات المزروعة: 10000 هكتار – الإنتاج: 30000 طن. التراجع في المساحات المزروعة: 35%- التراجع في الإنتاج: 36% تقريباً.
القطن 40 ألف طن
أرقام زراعة القطن في دير الزور عام 2011: المساحات المزروعة: 30573 هكتار – الإنتاج: 105029طن. أما أرقام 2013-2014: فإن المساحات المزروعة: 25000 هكتار – الإنتاج: 40000 طن. التراجع في المساحات المزروعة: 16% تقريباً، بينما التراجع في الإنتاج: 60% تقريباً.
الشوندر السكري (0)
أرقام زراعة الشوندر السكري 2011: المساحات المزروعة: 2702هكتار – الإنتاج: 185258طن. أما في موسم 2013-2014 فقد تم إلغاء خطة المحصول في دير الزور بسبب تعرض معمل السكر للتخريب والسرقة، وعدم رغبة الفلاحين بزراعة المحصول بسبب الظروف الأمنية.
القمح- القطن إنتاج أقل من تراجع المساحات
يلاحظ أن الزراعات المدعومة قد شهدت تراجعاً كبيراً في الإنتاج، مع غياب الدعم الحكومي، على الرغم من أن المساحات المزروعة لم تتغير بشكل كبير، ما يدل على ارتباط كبير بين الإنتاجية الزراعية والإنفاق الحكومي على الدعم الزراعي، في المحاصيل المدعومة. حيث تراجعت المساحات المزروعة بالقمح في المحافظة، في موسم 2013-2014 عن موسم الأزمة الأول بمقدار 2,2%، ولكن ترافق ذلك مع تراجع كبير في الإنتاج يفوق الثلث. وكذلك الأمر بالنسبة للقطن الذي تراجعت مساحاته المزروعة بمقدار 16%، بينما شهد تراجعاً في الإنتاج أقل من الثلثين بقليل. أما بالنسبة للشوندر، فإن عملية الإنتاج ترتبط كلياً بتوريد المنتوج لمعامل السكر الحكومية، حيث لم يزرع الشوندر تقريباً مع توقف عمل معمل السكر الذي ترتبط زراعة المحصول به.
ولكن على الرغم من ذلك فإن مقارنة تراجع المساحات المزروعة بالقمح والقطن في دير الزور، بالمقارنة مع تراجع المساحات المزروعة على مستوى البلاد يشير إلى محاولة مزارعي المحافظة الاستمرار في إنتاجهم رغم الخسائر والتراجع الكبير في الدعم، حيث قابل انخفاض مساحة القمح 2,2% فقط في دير الزور، تراجع في مساحة القمح الإجمالية في البلاد 76%، وقابل تراجع مساحة القطن في الدير بنسبة 16%، تراجع في مساحة القطن الإجمالية 38%.
ما يشير إلى ضرورة التنبه إلى هذه النقطة، وإدراج إيصال الدعم للمزارعين على قائمة المهمات أو دفع أسعار خاصة مقابل منتجات المحاصيل، لتعطي المزيد من الدافع لمن يستطيع إيصال إنتاجه لمراكز الاستلام، في هذه الظروف، ولتتيح إنتاجاً أكبر من المساحات المزروعة.
الدعم لقطن دير الزور 0.5% من المجمل
أما عن الدعم فلا يقدم تقرير نشاط مديرية زراعة دير الزور بيانات حول إجمالي الدعم الموزع، ونشاط المصرف الزراعي، وتقتصر البيانات على حصة جزء من مزارعي القطن من الدعم الزراعي في موسم 2013-2014، والذي يبلغ بمجموعه: 49 مليون ل.س لـ 12 دائرة زراعية، من أصل 17 في المحافظة. وهو يمثل: 0.5 % فقط من مخصصات الدعم الزراعي الثابت خلال أعوام الازمة: 10 مليارات ل.س. بوسطي 40 ألف ل.س لحوالي 345 مزارع، من أصل أكثر من 47 ألف حائز زراعي في آخر تعداد زراعي للحائزين والكائن في عام 2004!.ووسطي 1,2 مليون لكل جمعية فلاحية، لم يحدد عدد المزارعين ضمنها، من اصل 251 جمعية في الدير. ما يدل على عدم وصول الدعم الزراعي إلى الجزء الأعظم من المزارعين والتعاونيات.
الشعير والذرة استمرار أفضل
أما بالنسبة للمزروعات التي لا ترتبط بالدعم أو بالري بشكل وثيق يلاحظ قدرتها على الاستمرار ضمن هذه الظروف حيث يعطي الشعير الحب دليلاً هاماً على ذلك نظراً لتغير كبير في المساحات المزروعة، رافقه زيادة كبيرة في الإنتاج. أما بالنسبة لمحصول الذرة الصفراء الذي لا يحصل على دعم حكومي خاص، فإن تراجعات إنتاجه متوافقة مع تراجع المساحات.
وقد ساهم رئيس غرف الزراعة في تفسير بسيط لهذه الظاهرة حيث أشار إلى تراجع التركيز على المحاصيل الزراعية التي تحتاج إلى عمل وتصنيع، ومنها تراجع الشوندر السكري والقطن على حساب زراعات أسهل وأقل احتياجاً للعمالة والمياه والأسمدة، ماساهم في زيادة زراعة الشعير والبقوليات كالحمص والفول وغيرهما.
اللقاحات صعوبة الوصول أم تراجع الثروة!
بالنسبة للثروة الحيوانية، فلا تقدم أي جهة حكومية أرقام إحصائية حول تراجع أعداد المواشي بأنواعها في دير الزور أو غيرها. إلا أن بيانات مديرية الزراعة في دير الزور تشير إلى التلقيحات الوقائية التي تدخل ضمن الدعم الزراعي والمقدمة للثروة الحيوانية، والتي نستطيع أن نأخذ منها مؤشر الحد الأدنى لأعداد الحيوانات، بافتراض أن عدد عمليات التلقيح يعبر عن عدد الحيوانات.
ففي الأغنام بلغ أقصى عدد لعمليات التلقيح الوقائية 237 ألفاً من الأغنام- وأقصى عدد للأبقار بلغ 58 ألفاً. إلا أن هذه الأرقام لا تعطي إلا دلالة على الحد الأدنى لأعداد الماشية، باعتبار أن التلقيح الوقائي لا يصل إلى كافة المواشي في الظروف الحالية.
ولكن المقارنة مع الأرقام في عام 2012 في دير الزور تشير إلى التالي: تعداد الأغنام في دير الزور: 2,5 مليون رأس غنم. أما الأبقار: 248 ألف.
نسبة الحيوانات التي حصلت على اللقاحات الوقائية قليلة جداً قياساً بأعداد الثروة الحيوانية المسجلة في 2012، حيث أن نسبة الأغنام الملقحة قياساً بالإجمالي السابق تبلغ 9,4% فقط، بينما نسبة الأبقار الملقحة فتبلغ نسبة 23% من الإجمالي الرسمي الوارد حول بيانات 2012. ما يطرح التساؤل حول مصير بقية أعداد الأغنام والأبقار في المحافظة التي لا تصلها اللقاحات الوقائية، أو التي لم تعد موجودة؟! وما مصيرها دون تزويدها باللقاحات الوقائية الرئيسية، بافتراض أنها قد سلمت من التهريب والنفوق في ظروف الأزمة؟!. ونحن نتحدث عن 2,2 مليون من الأغنام، وعن 190 ألف من الأبقار، وغيرها من المواشي، كالماعز، والخيول وإلخ..
الشوندر السكري
لم يزرع تقريباً ولا يرد في الخطة الزراعية للمحافظة بعد خروج معمل السكر من العمل
* المورّد للدولة من القمح تراجع بنسبة 91%