(يد التقشف) الحكومية.. تتجنب موارد القلة!
تبحث الأسر السورية عن طرق استمرارها في ظروف العنف الاقتصادي الذي تتعرض له يومياً، معتمدة التدبير والتقشف كحل شرعي وحيد وأخير. وخلال شهر 7- 2014 شهدت الأسر السورية تصعيداً كبيراً سينتزع منها مبلغا إضافيا، وسيضعف قدرتها على مواجهة الواقع المعاشي الصعب.
فبينما كانت الأسرة توفر القليل من ضمانات جهاز الدولة الأخيرة المتبقية، تم رفع سعر الخبز والسكر والأرز، لتخفف الحكومة من الدعم التمويني، وتحمله للسوريين. ورفعت أسعار المياه والكهرباء التي يضطر الكثير من السوريين إلى الاعتماد على المولدات والبطاريات وصهاريج المياه، لتلبية حاجتهم الفعلية منها!.
إن (حكومة حرب) -كما يفترض أن تكون الحكومة السورية- ، لا بد أن تكون قد استهلكت أيضاً كل طرق تخفيف الهدر حتى وصلت إلى انتزاع مبالغ إضافية من الخدمات الأساسية التي تقدمها الدولة لمواطنيها، وتحديداً بعد أن أصبح أكثر من 80% من السوريين في دائرة الفقر، حيث لا يستطيع دخل أي من أصحاب الأجور بكافة شرائحه أن يغطي تكاليف المعيشة للأسرة، فأعلى شريحة والتي تصل 40 ألف ل.س (وفق الأجور الحكومية) لا تكفي لتغطية الغذاء الشهري الضروري لخمسة أشخاص!، بينما وسطي الأجور 20 ألف ل.س، يقابله الحاجة لأكثر من 90 ألف ل.س للإنفاق على تأمين الخدمات والسلع الضرورية شهرياً.
في ظل ذلك.. تُرى هل خففت الحكومة أي جانب من جوانب الهدر قبل أن تمتد (يد التقشف) إلى مخصصات الخبز والسكر والأرز والمياه والكهرباء؟!
الجواب الأكيد والمباشر هو لا.. وإلّا لكنّا رأينا محاكمات و(اعترافات) لكبار الفاسدين، الذين كانوا قبل الأزمة يحصلون وفق التقديرات على 30% من ناتج سورية الإجمالي، ولكانت ثرواتهم المنهوبة من عمل السوريين وثروات بلادهم، شكلت موارد توزع على تحسين أوضاع المياه والكهرباء وتخفيف أسعارها، وعلى تأمين استهلاك الغذاء الضروري لكافة السوريين.. وليس العكس!
مواضع الهدر متعددة وواضحة، وإن تفادي جزء منها فقط، في عمليات الاستيراد الحكومي والخاص، وفي سياسات المصرف المركزي، وفي تخفيف نسب التهرب من الضرائب ومن الرسوم، يوفر موارد تبلغ مئات مليارات الليرات السورية فعلياً في كل مجال منها.
السياسة الاقتصادية السورية تتجنب موارد القلة من ناهبي سورية، ووسائل نهبهم المستمرة إلى اليوم، مقابل التركيز على الاقتطاع من أجور الأكثرية أي أصحاب الأجور. وفي هذا تعبير صريح عن امتثال هذه السياسة لمصالح القلة، والنتيجة أن أصحاب الأجور الذين لا يجد جزء كبير منهم عملاً شرعياً يعمل به مع وصول نسبة البطالة إلى 50%، يندفعون بشكل متسارع مع أطفالهم إلى سوق العمل الأخرى المزدهرة!.. أي إلى الأعمال غير الشرعية، التي تتسع دائرتها مع عدم السعي لحصر دائرة العنف والفوضى بالحلول السياسية الجدية، بل على العكس يتم تغذيتها بالسياسات الاقتصادية التي تدخل مزيداً من السوريين في دائرة العنف (مجبر أخاك لا بطل)!.