تقنين الكهرباء.. رفع للأسعار وزيادة للأعباء
لم يعد الحديث عن تقنين الكهرباء في سورية بالجديد أو الغريب، بل بات حديثاً يومياً بين الناس، ومحط تساؤل دائم عن مدته في كل أسبوع، بينما يستمر وزير الكهرباء عماد خميس بإطلاق تصريحاته الواعدة بخفض مدة التقنين في يوم، وتبريره لزيادة تلك المدة في اليوم التالي !...
ومع كون التقنين أمراً لابد من التعايش معه، في ظل تضاؤل الأمل بالعودة إلى وضع الكهرباء في السابق، اختار المواطنون أساليب مختلفة لتخفيف ظلمة أيامهم، وكانت مولدات الكهرباء من أول الاختراعات التي انتشرت في أسواقنا، ثم تبعها أدوات ووسائل أخرى أكثر توفيراً، لكن ربما أقل فاعلية مثل الشواحن والبطاريات وغيرها..
وما إن دخلت المولدات الكهربائية على احتمالات المواطن السوري حتى زادت التكاليف والأعباء خاصة عندما اختارها التجار وأصحاب المهن المختلفة، ليتمكنوا من ضمان استمرار عملهم في أوقات التقنين التي لا حصر لها ولا نظام، حيث انعكست تكلفة شراء المولدات الكهربائية وتكلفة تشغيلها وصيانتها على سعر ما يباع أو يقدم من خدمات لدى أولئك التجار..
أكثر من 20 ألف ليرة
شهرياً بسبب التقنين
وعلى اعتبار المولدات الكهربائية تعمل باستخدام البنزين، الذي وصل سعره في آخر ارتفاع إلى 120 ليرة/ ليتر، تحتاج المولدة في كل ساعة إلى ليتر تقريباً، وبافتراض عدد ساعات تقنين يصل إلى 6 ساعات يومياً بشكل وسطي، هذا يعني أن المولدة تحتاج يومياً إلى 6 ليترات بسعر 720 ليرة يومياً، أي 21600 ليرة شهرياً.
في حين يبلغ سعر مولدات الكهرباء العاملة على البنزين حوالي 40 الف ليرة وسطياً، وباستطاعة لا تتجاوز 3 آلاف شمعة وتناسب الاستخدام المنزلي، بينما يصل سعر المولدات ذات استطاعة تقدر بـ5 آلاف شمعة إلى أكثر من 100 الف ليرة، وهي مفضلة في المحلات التجارية.
غياب الكهرباء يرفع الأجرة
وفي استطلاع لجريدة قاسيون، قال وسام صاحب صالون حلاقة نسائية، إن حاجة المهنة إلى الكهرباء دفعتني لشراء مولدة كهربائية، لأن ساعات التقنين طويلة، وبالاعتماد على توفر الكهرباء وحده، سأخسر كل زبائني، لذلك رفعت تعرفة سيشوار الشعر في أوقات التقنين بمعدل مئة ليرة، حتى أتمكن من تغطية تكاليف المولدة الضخمة وثمنها الباهظ.
التكاليف و(ضرورات السمعة)
أما أحد العاملين في محل لصناعة وبيع الحلويات، بين أن أسعاره أغلى من المحال القريبة المنافسة بسبب الطلب على منتجاته وضرورة تلبيتها، ما يعني حتمية وجود كهرباء ليتمكن من المحافظة على سمعته في السوق، وبالتالي اضطررنا لشراء مولدة كهرباء، لضمان استمرار وجودنا، حتى مع فرق السعر، الذي ولده تكلفة وقود المولدة وصيانتها الدورية، فمعظم المولدات في السوق سريعة التعطل حتى لو كانت مرتفعة السعر.
فيما عبر صاحب محل بيع فول ومسبحة بكلمات قليلة عن دوافع استعمال مولدة الكهرباء، قائلاً: بدنا نعيش، لافتاً إلى أن رفع سعر ما يبيعه قليلاً أفضل من إغلاق محله وصرف العمال لديه.
ومن جانبه شرح ضياء، يعمل في كافي نت، إلى أنهم لجؤوا إلى مولدة الكهرباء في فترة سابقة، لكنهم لم يتمكنوا من تحمل تكلفتها العالية، حتى مع رفع أجرة ساعة استخدام الانترنت لديهم، حيث أحجم العديد من زبائنهم عن التردد إلى الصالة في أوقات التقنين بسبب رفع الأجرة.
وأضاف: بتنا نحتسب أجرة الساعة في وقت التقنين وباستخدام المولدة بـ75 ليرة، في حين نتقاضى 50 ليرة في أوقات توفر الكهرباء، إلا أن هذه السياسة لم تنجح بل كبدتنا خسائر، ما اضطرنا للاستغناء عن المولدة، وإغلاق الصالة في وقت انقطاع الكهرباء.
عشوائية في التقنين
والجدير بالذكر، أن أوقات تقنين الكهرباء في مدينة دمشق وريفها، يشهد عشوائية تامة وانعدام للعدالة في التوزيع، حيث تختلف ساعات التقنين من حي لآخر، ومن أسبوع لأسبوع، مالم تختلف كذلك في الأسبوع الواحد، بسبب الاعتداءات التي تشهدها البنى التحتية وأنابيب الغاز والفيول والمحطات الكهربائية على امتداد جغرافية القطر، على حد تصريحات وزير الكهرباء، كما تختلف مدة التقنين من منطقة لأخرى لعدة اعتبارات توحي بطبقية تطبيق التقنين.