في لقائه مع قاسيون حول النموذج الاقتصادي البديل.. د. حيان سلمان: الاقتصاد المقاوم يرسخ الاستقلال الاقتصادي.. ويحقق الأمن الغذائي
ما الملامح العامة للنموذج الاقتصادي المطلوب للاقتصاد السوري؟! وهل توفر الأزمة الاقتصادية العالمية الفرصة لإعادة النظر بموقع سورية في التقسيم الدولي للعمل القائم حالياً؟! وكيف يمكن ربط ذلك بالنموذج المأمول؟! وأين يمكن إيجاد وتفعيل وتعظيم الموارد الضرورية اللازمة لتطوير الاقتصاد السوري؟! أسئلة تعري أجوبتها الخلل الحقيقي الذي يعاني منه الاقتصاد السوري.. هذه الأسئلة طرحناها على د. حيان سلمان الباحث الاقتصادي المعروف، فكانت له المساهمة التالية:
البحث عن النموذج الاقتصادي المناسب
يقول د. حيان:
«بداية أقول إنّ تعريف (النموذج الاقتصادي) هو أداة تحليل اقتصادية تعبرّ عن نفسها بشكل، وبصورة رياضية انطلاقاً من فرضيات محددة، والنموذج يعكس الواقع الاقتصادي بكلّ أبعاده ونشاطاته، ويمكن أن نميزّ بين نوعين من النماذج من حيث الجوهر وهما:
• نموذج إعادة الإنتاج كما حددها كارل ماركس في كتاب رأس المال.
• نماذج تقنية، وهي مقتبسة من الاقتصاد المتري، حيث يعتبر النموذج هو الأساس في هذا الاقتصاد، ويعبر عن المعطيات الرقمية للظواهر الاقتصادية.
وانطلاقاً مما سبق، فإني من المقتنعين بمهنية علم الاقتصاد، فهذا العلم المحوري يحدد بشكل أساسي جميع التوجهات الأخرى من سياسية وثقافية واجتماعية، ويعبر عنها بنماذج اقتصادية، وإن الاقتصاد المتطور هو الذي يتعامل مع الموارد المتاحة بعقلانية، ووفقاً لإستراتيجية تهدف بالدرجة الأولى إلى تعظيم الكفاءة الاقتصادية، وزيادة الكفاءة الإنتاجية، من خلال الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة بكلّ أنواعها (بشرية أم مادية أم مالية أم طبيعية.. الخ، إضافة إلى استخدام التكنولوجيا المناسبة)، وأقصد بذلك التكنولوجيا المصنعة للآلات الرأسمالية، وليس التكنولوجيا المعلبة، والتي نعتبرها بأنها وسيلة من وسائل الاستغلال التي تعتمدها الدول المتطورة لضمان سيطرتها على الدول النامية. وانطلاقاً من هذا بدأت كل دولة في البحث عن النموذج الاقتصادي الذي يناسبها، فقد اعتمدت ألمانيا على ما يدعى نموذج التلمذة الصناعية، والصين على نموذج النسخ، والربط المباشر بين الزراعة، والصناعة، والانتقال من قطاع الإنتاج المادي إلى القطاعات الأخرى، أما الهند فانطلقت من نموذج توطين الاستثمارات وخاصة في وادي بنغلور وبشكل أخص في وادي السليكون، والدول الاشتراكية سابقاً، أي (دول الكوميكون)، وخاصة الاتحاد السوفيتي السابق، اعتمدت على تطوير قطاع الإنتاج للآلات المنتجة لوسائل الإنتاج.. الخ..
وبشكل عام، فإنّ كل هذه النماذج هدفت وتهدف إلى تحقيق التنمية الاقتصادية العامة الشاملة المستدامة، أي التنمية التي تحمل بذاتها عوامل استدامتها وتطويرها، وتحقق في وقت واحد الأركان الثلاثة للنمو، أو ما يمكن أن ندعوه باسم (الثالوث الاقتصادي المقدس)، والذي يتجلى في زيادة الناتج المحلي الإجمالي، وتحسين الدخل، والمحافظة على معدل تضخم وبطالة منخفضين، وبالتالي نضمن انطلاقة الدورة الاقتصادية بشكل سليم ومتوازن، أي أنها تصل إلى التشغيل الكامل، ويزداد الناتج المحلي الإجمالي، ونطلق عليه مصطلح (الكعكة الاقتصادية المجتمعية) التي يجب أن تتوزع على فئات وشرائح المجتمع بعدالة وحسب مساهمة كل منها في تكوينه، وعندها نصل إلى النموذج الاقتصادي الذي يحقق الجمع الأمثل بين (الجانب الاجتماعي) و(الجانب الاقتصادي) للنمو والتنمية، وأي إهمال في أحدهما يؤدي إلى خلخلة واضحة تترتب عليها نتائج سيئة، وكمثال على ذلك فإنّ ترجيح العامل الاقتصادي، وعدم الاهتمام بالجانب الاجتماعي هو أحد الأسباب الأساسية الكامنة وراء الأزمة الاقتصادية المالية العالمية، وخاصة أن هذا ترافق مع إهمال الجانب الإنتاجي واللجوء إلى الاقتصاد الورقي، وهكذا بدأت المؤسسات الاقتصادية تنهار، وكأنها علب كرتونية فارغة وأشبه بلعبة (الدومينو) ما إن ينهار أحدها حتى ينهار الآخر سواء كانت مصارف وشركات سيارات وشركات الطيران.. الخ)، ولذلك فهذه الأزمة ليست أزمة مالية بل هي أزمة اقتصادية متداخلة مع كل المفاصل الاقتصادية وبكلّ قطاعاتها.
الانطلاق من مكونات واقعنا
يجب على الاقتصاد السوري أن يختار النموذج الذي يناسبه، وينطلق من مكونات واقعنا، ويحقق أهداف الخطط الخمسية، وفي مقدمتها، معدل نمو اقتصادي قدره 7%، وتحسين متوسط دخل الفرد، وتقليل معدل البطالة، ومستوى الفقر، وزيادة مؤشر التنمية البشرية الذي يتكون من ثلاثة مؤشرات فرعية جزئية، وهي، متوسط عمر أطول- متوسط دخل للفرد أكبر – مستوى تعليم أحسن، وهذا يتحقق من خلال توفر المقومات التالية في النموذج الذي يجب أن نعتمده ومنها:
أ- الانطلاق من تطوير الإنتاج المادي في القطاع الأول والثاني، وأقصد بذلك قطاع الزراعة والصناعة، وتعميق العلاقات التشابكية بينهما سواء كانت علاقات أفقية أم عمودية أمامية أم خلفية.
ب- التركيز على زيادة الناتج المحلي الإجمالي من خلال زيادة الكفاءة الإنتاجية، وإنتاجية العمل، أي اللجوء إلى زيادة درجة الاستغلال الأمثل للموارد الإنتاجية المتاحة.
ج- تحويل المزايا النسبية إلى مزايا تنافسية وخاصة في تحويل المنتجات الزراعية إلى سلع صناعية، وتعظيم القيمة المضافة، وزيادة القدرة التنافسية للمنتجات السورية في السوقين الداخلية والخارجية.
د- مكافحة التضخم عن طريق التنسيق بين السياستين النقدية والمالية، واللتين تعتبران بمثابة الدماغ والجهاز العصبي للاقتصاد السوري، وبحيث أن نمنع ارتفاع معدلات التضخم الذي يعتبر بمثابة مرض الملاريا الذي يجعل الحياة كريهة.
هـ- زيادة الاستثمارات وتوجيهها نحو المواقع التي نمتلك بها مزايا نسبية، ومراعاة مبادئ التخطيط الإقليمي، وتنمية المناطق الريفية، ووضع الخريطة الاستثمارية، وزيادة الاستثمارات الوطنية، وتحويل المدخرات الوطنية إلى استثمارات، وخاصة الاستثمارات الإنتاجية ..الخ.
و- التأقلم الإيجابي مع المتغيرات الدولية، وسبر الأسواق الخارجية، وتحديد الفرص التسويقية، وتعديل الميزان التجاري الذي وصل عجزه لعام 2009 إلى حدود 131 مليار ليرة سورية.
ز- الاهتمام بالكادر البشري، وإعادة النظر في توزيع القيمة المضافة بين مكوناتها الأساسية الرواتب والأجور وعلاقتها بالأرباح، أي عائد العمل وعائد رأس المال.
ح- مكافحة الهدر والفاقد سواء أكان الفاقد التكنولوجي أو الناجم عن الفساد، لأنّ الفساد هو أشبه بالسرطان الذي يتفشى في جسم الاقتصاد حتى ينهيه.
ط- زيادة تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية، وخاصة بعد فشل سياسة العرض والطلب، ومبدأ اليد الخفية، وبأن الأسواق تنظم نفسها بنفسها، والانفتاح على العالم الخارجي دون قيود وضوابط.
ك- التوسع في العلاقات الاقتصادية مع الدول الصديقة، والتوسع شرقا إلى الصين- روسيا- ماليزيا – إيران – تركيا ..الخ. والتوجه السريع لإصلاح القطاع العام، ومعالجة مشاكله بشكل فعلي، وليس على شكل نصائح ووصايا، والابتعاد عن فتاوى المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد، والبنك الدولي، ومنظمة التجارة العالمية، لأنها تعتبر من هذه الناحية أشبه بدوائر تابعة لوزارة الخارجية الأمريكية.
الصناعة التحويلية قاطرة النمو
كمثال عملي على ذلك، اعتمدت الخطة الخمسية العاشرة (2006 – 2010) على النموذج الاقتصادي الذي يحقق معدل نمو اقتصادي قدره 7%، ويخفض معدل البطالة إلى 8%، ويخفض معدلات الفقر، والتضخم، ويحقق زيادة على الرواتب والأجور، ويرفع الاستثمارات إلى 28% من الناتج المحلي الإجمالي ..الخ . لكن هذه الأهداف لم تتحقق، والسبب الأساسي يعود لتراجع الناتج الزراعي، ووقوع في معدلات نمو سلبية لعامي 2007 و2008 بلغت على التوالي 13،5% و-8،7%، حسب التقرير الاقتصادي عن أداء الحكومة لعام 2009، كما تراجعت الصناعة الاستخراجية، علما أن القطاعات الخدمية حققت معدلات النمو المخطط، ولذلك يجب البحث عن آلية لتفعيل قطاعات الإنتاج المادية، وخاصة الزراعة بجانبيها (النباتي والحيواني) والصناعة بجوانبها (الاستخراجية والتحويلية وصناعة الماء والكهرباء)، والتركيز على الصناعة التحويلية التي لا تزال مساهمتها أقل من 10% في الناتج المحلي الإجمالي، ويجب أن لا تقلّ عن 20%، لأنها هي القاطرة الحقيقية للنمو والتنمية الاقتصادية.
يجب استغلال مواردنا المتاحة بالحد الأقصى
سورية، بإمكانها أن تلعب دوراً هاماً على صعيد العالم الخارجي، والكثير من المنتجات العالمية اتخذت من سورية رمزا لها مثل (الدامسكو، والأغباني، والبروكار، والسيف الدمشقي ..الخ)، لذلك كل مانتمناه هو أن تكبر هامة سورية الاقتصادية لتعادل هامتها السياسية، وخاصة بعد انتهاج نهج الاقتصاد المقاوم، والوقوف ضد كل المخططات الصهيو أمريكية، والانفتاح على دول العالم وخاصة الدول الشرقية وأمريكا اللاتينية، وتوسيع الفضاءات الاقتصادية، واعتماد نهج اقتصاد السوق الاجتماعي الذي نراه النموذج الأفضل، والأكفأ لأنه يجمع بين الجانبين الاقتصادي والاجتماعي.. الخ.
لذلك لابدّ من استمرار نهج الاقتصاد المقاوم، لأنه أقل تكلفة من نهج الاستسلام، وهذا يرسخ معالم ضمان الاستقلال الاقتصادي، وتأمين متطلبات الأمن الغذائي، والاستعداد للتصدي للمخططات الخارجية الاستعمارية، وهذا يتطلب دراسة الواقع السوري بكلّ مقوماته، أي بأرضه وشعبه، وطاقاته، ووضع خطة اقتصادية منسجمة، للوصول باستغلالنا لمواردنا المتاحة إلى الحد الأقصى، وهنا أعطي بعض الأمثلة:
ما هو مبرر تصدير موادنا الأولية على شكل مواد خام؟! لماذا لا نحولها إلى سلع مصنعة؟! وقد أثبتت الدراسات الاقتصادية أن كل كيلو قطن خام نصدره على شكل مواد أولية يحقق قيمة مضافة بنسبة 1200% إذا ما تم تصنيعه على شكل ألبسة راقية ومن ثم نصدّره، أي تتضاعف /12/ مرة، وكذلك القمح، والخضار، والفواكه، والزيتون، واللحوم، وغيرها من المواد والسلع الأولية..
وما مبرر العجز في الميزان التجاري؟! وخاصة أنه، وبعد تحليلنا لواقع التجارة الخارجية بمكونيها (الصادرات والمستوردات)، وجدنا أنّ أغلب مستورداتنا هي من فئة المنتجات التحويلية التي يمكن أن نصنعها داخليا وفقا لمبدأ الإحلال محل المستوردات، وهكذا يمكن ذكر الكثير من الأمثلة العملية على ذلك.
التقسيم الدولي للعمل
تعبير عن مصالح القوى الكبرى
التقسيم الدولي الحالي للعمل ليس إلا تعبيرا عن مصالح القوى التي تمّ رسمها بعد الحرب العالمية الثانية، وإنني أنظر بسخرية واستهجان إلى ما يدعى النظام العالمي الجديد أو المجتمع الدولي! لأنهما مصطلحان يعبران بجوهرهما عن مجموعة دول لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، بزعامة رمز الاستكبار العالمي الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تقسم العالم وفقا لمشيئتها ورغباتها الاستعمارية! وأقول لبعض الاقتصاديين الليبراليين - الذين يتكاثرون كالفطر بعد يوم ماطر - إن علّهم إعادة النظر ببعض قناعاتهم ومنها:
أ- كانت أمريكا تشكل 50% من الاقتصاد العالمي بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، أما الآن فإنها لا تشكل سوى 20% من هذا الاقتصاد العالمي، وقد بدأ الاقتصاد الأمريكي يتراجع، وهو ما اعترفت به المواقع الاقتصادية الأمريكية، وراسمو سياستها الخارجية.
ب- فشل قمة دول العشرين في وقف تداعيات الأزمة المالية العالمية، لاعتماد هذه المجموعة على الدول النامية في معالجة تداعيات هذه الأزمة.
ت- ظهور الاقتصاديات الناشئة، وزيادة بصمتها الاقتصادية على مسرح الاقتصاد العالمي، وكمثال على ذلك نذكر نموذجين اثنين فقط وهما:
• أن الصين تحقق الآن أكبر معدل نمو اقتصادي في العالم بحدود 9% في ظل الأزمة المالية العالمية، وتمتلك بحدود 2500 مليار دولار كاحتياطات نقدية، وتمتلك أيضا أكبر فائض في الميزان التجاري، ويكاد لا يخلو بيت في العالم من سلعة صينية، علما أن الصين هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد سكانها ويبلغ عددهم 25% من سكان العالم، ومساحتها بحدود 10% من مساحة العالم فقط، وتمتلك الآن أكبر احتياطي نقدي في العالم بحدود 2،5 تريليون دولار أمريكي، والأسبوع الماضي أكدت المراكز الاقتصادية العالمية بأن الصين أزاحت اليابان عن الموقع الثاني في الاقتصاد العالمي، وخلال عقد من الزمن ستتجاوز الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت سابقاً قد تجاوزت ألمانيا وغيرها من الدول الصناعية. إذا إن الثروة في الكوادر، وليست في الموارد رغم أهميتها، وفي العقول وليست في الحقول رغم أهميتها أيضا .
• استطاعت الهند - ثاني أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان- أن تحقق تنميتها الاقتصادية، وصرح وزير صناعتها قائلا وبسخرية: إن العالم لم يعد مستعداً ليصاب بالزكام كلما عطست أمريكا، وهي الآن تصدر منتجاتها الإلكترونية إلى أغلب دول العالم، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية، ودخلت النادي النووي العالمي.
فالمطلوب منا - لكي نصل إلى ما نريد - هو الجمع الأمثل بين كلمتين لهما الحروف نفسها، وأعتقد أنه ليس عن عبث هذا التوافق، وهما، الإدارة، والإرادة، أي إدارة الموارد للوصول إلى إرادة التطوير، ويمكن عندها أن تلعب سورية دورها المحوري على مسرح الاقتصاد العالمي، وخاصة في ظل الاستقرار الاقتصادي والسياسي، ولحمة وطنية ممتازة، ولكن هذا يتطلب بالدرجة الأولى التخطيط السليم، ووضع خطة علمية عملية واقعية، جوهرها قائم على تحديد الأهداف بدقة، ومن ثمّ العمل لتحقيق هذه الأهداف بتوفر شرطين أساسيين وهما، أقلّ تكلفة ممكنة، وزمن – أحسن نوعية، وبالتالي نستطيع أن نتأقلم بشكل إيجابي مع المتغيرات الدولية والخارجية، ونضمن استقلالنا الوطني وندافع عن مبادئنا ونعيد حقوقنا ونتصدى للمخططات الصهيو – أمريكية، لأن عوامل النمو والتنمية هي بالدرجة الأساسية عوامل داخلية وليست خارجية رغم أهمية الأخيرة.
تدخل الدولة بالحياة الاقتصادية
ضرورة لا بد منها
إنّ تفسير أي ظاهرة اقتصادية يجب أن يكون من داخلها، وليس من خارجها، والاقتصاد السوري يمتلك كل مقومات الانطلاق، فنحن ننتج بحدود / 4/ مليون طن قمح، و3،5 مليون طن خضار وفواكه، ومليون طن زيتون، ولدينا 23 مليون رأس غنم.. الخ، وهذه المواسم - مع غيرها - يمكن تحويلها إلى سلع صناعية ذات قيمة مضافة، وبالتالي نحقق الأمن الغذائي، والاستقلال الاقتصادي، وتشغيل الأيدي العاملة، وزيادة القيمة المضافة والربحية الوطنية، وتعديل الميزان التجاري، وميزان المدفوعات، وخاصة أننا نمتلك قوة عمل متطورة ومتعلمة، وبنية تحتية مناسبة، واستقراراُ اقتصادياُ وسياسياُ وأمنياُ، وكوادر مؤهلة ومناسبة.. الخ، ولكن هذا يتطلب زج كلّ القطاعات الاقتصادية في تحقيق التنمية المجتمعية، وفي مقدمتها القطاع الحكومي، وهنا أتحفظ على تسميته، وفق المصطلح الدارج ( القطاع العام)، خاصة أن هذا القطاع قد ساهم بشكل أساسي في تحقيق التنمية الوطنية المجتمعية السورية، وعلى مدار العقود الخمسة الماضية، ومن هنا نشدد على ضرورة تدخل الدولة بل زيادة تدخلها في الحياة الاقتصادية، سواء بشكل مباشر عن طريق قطاعها العام، أو بشكل غير مباشر عن طريق سياستها المالية، والضريبية، والاستثمارية.. الخ. والتوجه نحو تفعيل عمل القطاعات الاقتصادية الأخرى، وفقا لمبدأ الحساب الاقتصادي أي المقارنة بين النتائج المحققة والتكاليف المرافقة لها، وهنا نصل إلى معرفة مردودية الليرة السورية الواحدة، ضمن هذه الآلية، نستطيع أن نطور اقتصادنا، ونحافظ على ثبات قيمة عملتنا، ونخفض معدلات التضخم، والبطالة، وتنطلق التنمية الاقتصادية التي تعتبر الأساس المادي لكل أنواع التنمية الأخرى من