العام القادم .. السوريون مهددون في قمحهم

العام القادم .. السوريون مهددون في قمحهم

كم سننتج من القمح في العام القادم مؤشر لمستوى تصاعد الأزمة.  أرقام الإنتاج في العام الحالي لا تبشر خيراً فإذا ما كانت المساحات المرزوعة محدداً أولياً  فإن المساحات التي زرعت في هذا العام.

لا تتجاوز نسبتها 60 % من المساحات المزروعة  في عام 2010 .. ولن تتجاوز  1,2 مليون هكتار ستنتج بناء على متوسط الغلة في أعوام سابقة  1,6 مليون طن. وهي الأسوأ على مدى عقد من الزمن. بينما كان إنتاجنا في عام 2012 2,5 مليون طن.

فإذا ما كانت زراعة القمح في سورية تتركز بالنسبة الأكبر في المناطق التي تشهد أوضاعاً أمنية متوترة ومتصاعدة، كالحسكة والرقة وريف حلب.. حيث لا تتمكن الحكومة في الظروف الحالية أن تؤمن استمرارية وضمان وصول المخصصات الضرورية من المازوت والغاز والطحين إلى هذه المناطق التي شهدت أعلى ارتفاعات بالأسعار وأوسع مظاهر غياب الدولة..

فما الضامن بالقدرة على استجرار القمح المنتج في هذه المناطق؟ خاصة في ظرف الأزمة السورية التي شهدت على سبيل المثال لا الحصر فرز « كتائب تحرير وبيع» مستقلة لتقوم بنهب الحبوب من الصوامع وبيعها إلى تركيا كما في منطقة منبج..

وإذا ما كان إنتاج هذا المحصول الرئيسي يرتبط بشكل وثيق بالحكومة من حيث توزيع البذار المدعومة من جهة، ومن جهة أخرى بكون الحكومة هي المشتري الرئيسي وبسعر مدعوم أيضاً.. فما واقع هذا الدعم في ظل الإيراد الحكومي والهدر الذي لم يسبق..

وإذا ما كان الاستيراد هو البديل المطروح عن الإنتاج فإن إمكانيات الاستيراد المرتبطة أيضاً بالإيرادات الحكومية الآن، سترتبط بالقروض مع توسع النقص. وستزداد الكلف الآنية والمستقبلية ، حيث تشير المؤشرات العالمية  إلى أن عام 2013 سيشهد ارتفاعاً في أسعار الحبوب عالمياً وتحديداً القمح لتصل إلى أسعار عامي 2007- 2008 التي شهدت أزمة الغذاء العالمية.

كل هذه المؤشرات تؤكد أن واقع العام القادم سيزيد تعقيد الأزمة لينقلها من أزمة نقل وتوزيع وأسعار، إلى أزمة وفرة في المحصول الغذائي الرئيسي .

لذلك فإن مؤشرات من هذا النوع لابد أن تدفع وتحرض العديد من الضرورات ابتداءً من التخطيط العملي لضمان تحصيل كل الكميات المزروعة في جميع المناطق من أكثرها أماناً إلى أكثرها توتراً مع كل ما يتطلبه ذلك من السعي الحثيث لعقد هدنات قائمة على ضرورة توفير الغذاء، وصولاً إلى توفير الإيرادات الحكومية الضرورية والبحث عن الموارد وانتهاءً بالانتقال إلى الحل السياسي من جميع الأطراف كضرورة حتمية درءاً للوصول إلى مستوى تهديد  الأمن الغذائي السوري في  العام القادم.