بعض الظن «حلم»
سجل التاريخ الحديث تعهداً ألزمت وزارة الاقتصاد نفسها به عشية إضافة رسم 4 ليرات إلى سعر ليتر البنزين، أما التعهد فكان جوهره حماية المواطنين من آثار ذلك على رفاهيتهم «الضرورية» حين الاضطرار لركوب «التاكسي»!.
ولكن، رغم التعهد الصريح والواضح يبدو أن الركاب دخلوا المصيدة الجديدة رغماً عن أنوفهم، إذ ظنّ الذين لا يملكون مركبات تعمل على البنزين أنهم سيبقون خارج دائرة المرسوم الجديد طالما أن أقدامهم تسير بقوة السعرات الحرارية، ولكن بعض الظن «حلم»، فما أن صدر المرسوم حتى وجد بعض سائقي التكاسي عذراً «تسوّلياً» لزيادة هامش القنص ضعفاً أو ضعفين، هكذا دون رادع من حماة المستهلك أو وازع من رجال المرور، وطبعاً دون غطاء من وزارة الاقتصاد يمنع عنهم رصاص الشتائم التي يطلقها السائقون حين الاعتراض!.
لقد عمل سائقو سيارات الأجرة منذ ظهروا في دمشق (تحديداً) لتحويل موضوع الزيادة على العداد إلى «عرف اجتماعي» يساندهم في التغلب على القوانين النافذة، ودليل ذلك أن ضخامة الحملات الإعلانية الهادفة لحماية المستهلك خلال السنوات الماضية، لم تساعد في لجم هذه الظاهرة التي أصبحت أقوى من القانون نفسه.. فكيف سيتمكن العاجزون عن لجمها بالأمس من الإيفاء بوعود منع تفاقمها اليوم؟.
اليوم، وبعد اعتياد الناس على الرضوخ لـ«قبضايات» السيارات الصفراء، يبدو تعهد الاقتصاد بحماية الركاب عاجزاً عن إلزام هؤلاء بأخذ ما يسجله العداد فقط، أما إذا كان المعنيون في وزارة الاقتصاد يخططون لتحقيق هذا فعلاً، فالأجدى أن يخرج أحد إليهم ويخبرهم بأن هذا التعهد «بعيد عن شواربهم»، لأن منظومة العقل «التاكسوية» تعمل وفق عقيدة «أنا أولاً.. وأنا أخيراً»، ضاربةً عرض الحائط بكل الآخرين- الأخيار منهم والأشرار- ورغباتهم وتعهداتهم!.