الحكومة.. والشركات الإنتاجية الصناعية
كل الشركات الصناعية الإنتاجية تعاني من نقص في عدد العمال، وخاصةً على الخطوط الإنتاجية، وقد وجهت إحدى هذه الشركات عشرات المذكرات إلى وزارة الصناعة تطلب فيها السماح بتعيين عمال إنتاج، حتى سمحت الوزارة مؤخراً بذلك، ولكن بعد أن وضعت شرطاً أن يكون المعينون عمالاً مؤقتين، أي دون تثبيت، ليجد المعني بالشأن العام نفسه أمام مفارقة كبيرة، فهو يطالب القطاع الخاص بالالتزام بقانون العمل، ويطالب الحكومة بأن تتخذ إجراءات معينة لإجبار أرباب العمل على تطبيق هذا القانون، بينما الحكومة نفسها تخرق القانون وتتهرب من تطبيقه بالرغم من أنها هي التي أصدرته.
أثيرت منذ أكثر من عشر سنوات قضية العمال المؤقتين، ولا تزال تثار في كافة المؤتمرات النقابية، عمالٌ لم يشملهم المرسوم /8/ لعام 2001، ووجهت النقابات آنذاك مذكرات عديدة إلى وزارة الشؤون الاجتماعية وإلى رئاسة الوزراء، أملاً بدراسة مقترَح تشكيل لجنة لبحث وإمكانية وضع مشروع قانون مماثل للمرسوم /8/ ومعالجة الحالات القائمة، هذا منذ العام 2004، وكان عدد العمال الذين لم يشملهم القانون 160 ألف عامل، نحن الآن في العام 2011 ازداد عدد العمال المؤقتين والدولة تسمح بالتعيين في بعض المواقع الإنتاجية، ولكن بصفة مؤقتين.
مقترحات اتحاد العمال في العام 2004 لم تجد التجاوب والاهتمام، وفضلت الجهات الوصائية الصمت وسيلة للرد على مطالب العمال، وقام بعد ذلك اتحاد العمال بإعداد قائمة بعدد العمال وحسب المنشآت والمحافظات للعاملين المؤقتين، وأعد أيضاً مشروع مرسوم مماثل للمرسوم /8/، كما أعد مذكرة لرئيس الجمهورية أملاً بصدور التوجيهات لتسوية أوضاع العمال المؤقتين، مبيناً أنه لا نفقة مالية منظورة جراء تثبيتهم وتأمين الاستقرار لهم.
ولم تجد كل المطالب الصدى!!
في عام 2008، وفي مجلس الاتحاد العام للعمال، اتُّخِذ موقف من قبل القيادات النقابية بعدم دعوة الحكومة لحضور المجلس، عُقِد المجلس فعلاً دون حضور الحكومة، ولأول مرة في موقف احتجاجي، وطرحت في المجلس مطالب عمالية عديدة يجري تجاهلها من قبل الحكومة، بل وفوق ذلك هناك حقوق مكتسبة للعمال عبر أربعين عاماً يجري الانقضاض عليها.
الدعاوى العمالية والأحكام القضائية، خاصة تلك الدعاوى المكتسبة للدرجة القطعية، وطالبت النقابات بتنفيذها، (دعاوى طبيعة العمل، العمال المؤقتون، الوجبة الغذائية، الحوافز، العمال الموسمين، علاوات الترفيع للعمال المؤقتين المعاد تعيينهم، فائض العمالة، نقص العمالة، الأنظمة الداخلية لجهات القطاع المشترك والخاص، قانون إصلاح القطاع العام وأسباب عدم صدوره، قانون التأمينات الاجتماعية وتعديلاته، اقتصاد السوق وانعكاساته ونتائجه على العمال وذوي الدخول المحدودة وعلى الاقتصاد الوطني، سياسة الدعم وأهدافها الاجتماعية وإجهاضها.. وترى القيادات النقابية أن الحكومة أخذت بالاندماج في الاقتصاد العالمي بحجة إخفاق التنمية التي قادتها الدولة، والخسائر التي يحققها القطاع العام.
جملة هذه العناوين أثيرت خلال المؤتمرات النقابية العمالية، والتي تواصل عقد مؤتمراتها، والمتابع لهذه المؤتمرات يجد أن القضايا المثارة الآن قد أثيرت قبل 10 سنوات في المؤتمرات النقابية، وفي مذكرات رُفِعت إلى الجهات الوصائية. الواضح أن الحكومة تلجأ إلى التهرب والتحايل على القيادة النقابية وعلى العمال أنفسهم، مع أنهم «عمالنا نحن»!! ألا يستدعي هذا الواقع إعادة النظر في طبيعة العمل النقابي؟!!