غزة... بين ضغوط الوسطاء ومماطلة الاحتلال
ملاذ سعد ملاذ سعد

غزة... بين ضغوط الوسطاء ومماطلة الاحتلال

شهدت الأيام الماضية حراكاً سياسياً مكثفاً يعكس حساسية المرحلة التي تمر بها مفاوضات غزة، خاصة مع تزايد المؤشرات على محاولة «إسرائيل» المماطلة في استكمال المرحلة الأولى من الاتفاق وربما دفعه نحو الفشل، فالميدان يشهد تطورات خطِرة بخروقات واعتداءات متكررة، من آخرها نسف جيش الاحتلال مبانيَ سكنية جنوب شرقي مدينة غزة في حي الزيتون كمثال واحد.

على الجهة السياسية، تتصاعد مواقف إقليمية تعكس رفضاً واضحاً للسلوك «الصهيوني»، فقد أكدت الخارجية التركية أن نزع سلاح حركة حماس «ليس أولوية في المرحلة الحالية»، في رسالة تفيد بأن الحديث عن مستقبل سلاح المقاومة لا يمكن أن يسبق معالجة جذور الصراع وإنهاء الاحتلال، وفي السياق نفسه، شدد وزير الخارجية المصري على أن معبر رفح «لن يكون بوابة للتهجير»، داعياً إلى نشر «قوة استقرار دولية» على الخط الأصفر في غزة في أسرع وقت، وهذا الموقف جاء منسجماً مع بيان عربي–إسلامي مشترك رفض تصريحات «إسرائيل» حول المعبر بوصفه «باتجاه واحد» نحو الخارج، واعتبرها محاولة للالتفاف على الاتفاق وإعادة إنتاج سيناريوهات التهجير القديمة.
كما أعلن رئيس الوزراء القطري أن المفاوضات حول حرب غزة «تمر بمرحلة حرجة»، في إشارة إلى ضغط سياسي تتعرض له الدوحة والوسطاء الآخرون نتيجة تعنّت الاحتلال، ومع ذلك، يواصل الوسطاء الضغط على «إسرائيل» بالوسائل السياسية لتنفيذ الاتفاق، خصوصاً مع بقاء جثمان آخر رهينة «إسرائيلية» لدى حماس كجزء من المرحلة الأولى.
وسط هذا المشهد المعقد، تتعامل المقاومة الفلسطينية بقدر كبير من ضبط النفس رغم الخروقات الصهيونية اليومية، وتحاول عدم الانجرار إلى ردود قد تمنح الاحتلال الذريعة لتعطيل الاتفاق، وتبرز هنا التصريحات التي أدلى بها خليل الحيّة، رئيس حركة حماس في غزة، حيث أعلن استعداد الحركة لتسليم سلاحها للسلطة الفلسطينية التي ستدير القطاع مستقبلاً، شرط انتهاء الاحتلال وقيام دولة فلسطينية ذات سيادة، في موقف يعكس تقديم المصلحة الوطنية على الحسابات الفصائلية، ويضع ملف السلاح ضمن إطار حلّ سياسي شامل بقيام دولة فلسطينية وليس تنازلاً تحت الضغط.
وفي منتدى الدوحة تصاعدت الدعوات إلى تسريع الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، بما يشمل نشر قوة استقرار دولية قادرة على ضبط الخط الأصفر ومنع الخروقات، ومن كل ذلك، تبقى قدرة الاتفاق على الصمود مرهونة بوقف الخروقات والمماطلة «الإسرائيلية»، وبنجاح الوسطاء في فرض التزامات واضحة على الكيان تمنع انهيار المسار السياسي مجدداً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1255