السودان... مشهد معقد وتضارب في المصالح الإقليمية والدولية

وفي الإطار الإقليمي، تشهد العلاقات بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة توتراً متصاعداً في الأشهر الأخيرة، على خلفية خلافات حول قضايا إقليمية عدة، يأتي في مقدمتها الموقف من الحرب في السودان، بالإضافة إلى الملف اليمني وتداعيات السيطرة على حضرموت. وتحاول الدولتان استثمار نفوذهما في المنطقة والضغط على الإدارة الأمريكية لتنحاز إلى طرف محدد في الصراع السوداني، وهو أمر لم يتحقق حتى الآن. مع ذلك، يبدو أن السعودية نجحت في دفع الإدارة الأمريكية لإصدار تصريحات تشير إلى إمكانية تصنيف قوات الدعم السريع كمنظمة إرهابية. إلا أن هذه التصريحات لم تردع تلك القوات عن مواصلة هجماتها التي تستهدف المدنيين، كان آخرها هجوم «كلوقي» الذي استهدف روضة أطفال ومشفى، وأدى حسب تقارير وزارة الصحة السودانية إلى سقوط 114 قتيلاً.

ويكتسب الصراع بُعداً جديداً مع عودة الحديث عن القاعدة العسكرية الروسية في السودان في هذا التوقيت الحساس، وما يحمله ذلك من تداعيات وانعكاسات على الموقفين المصري والسعودي بشكل خاص. فكرة القاعدة العسكرية قديمة تعود إلى عهد البشير، وعادت إلى الواجهة بعد محاولات البرهان التقرب من روسيا. وتحدث الجانب الروسي بوضوح عن تأجيل أي حديث حول القاعدة حتى يحصل الاستقرار السياسي في السودان. لكن يبدو أن هناك أطرافاً تسعى إلى استخدام هذا الملف للضغط على الحكومة السودانية لتمرير أجنداتها، أو للضغط على الدول الإقليمية والإدارة الأمريكية وزيادة توتير العلاقة مع الجيش السوداني.
فالإدارة الأمريكية لا تبدو معنية بإنهاء الصراع في السودان بقدر ما تراه بوابة للضغط على القوى الإقليمية كافة، ودفعها لتقديم تنازلات. أما السعودية، ومنذ زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن، فتتبنى موقفاً أكثر وضوحاً يهدف إلى حسم الملف السوداني باتجاه يمنع زعزعة استقرار الإقليم ويحافظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه.