غزة على حافة الهاوية: وقف النار وهمٌ تُعيد «إسرائيل» تفجيره يومياً
معتز منصور معتز منصور

غزة على حافة الهاوية: وقف النار وهمٌ تُعيد «إسرائيل» تفجيره يومياً

رغم سريان «اتفاق وقف إطلاق النار» في 10 تشرين الأول 2025 بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال، لا تزال غزة تشهد تصعيداً ميدانياً ممنهجاً. فالهدنة، التي قدّمتها الإدارة الأمريكية كــ «إنجاز دبلوماسي» للرئيس دونالد ترامب، باتت تُستخدم كغطاء لاستمرار الاعتداءات اليومية على المدنيين، ولتنفيذ مخطّط تهجيري طويل الأمد. فالهدف الاستراتيجي لـ«إسرائيل» لم يعد خافياً: تفريغ قطاع غزة من سكانه، وفرض السيطرة الكاملة على الضفة الغربية، وإنهاء الملف الفلسطيني بشكل نهائي، وهو ما يُعلن عنه علناً كبار المسؤولين في «إسرائيل»، من وزراء وقادة أمنيين.

الميدان يكذّب الخطاب الدبلوماسي. فالغارات لم تتوقف ليوم واحد منذ بدء الهدنة. في 22 تشرين الثاني وحده، استُشهد 24 فلسطينيّاً بينهم أطفال في خان يونس ومدينة غزة. وإجمالي الشهداء منذ 10 تشرين الأول بلغ 318، والجرحى 788. هذا التصعيد لا يُفسَّر بـ «خروقات متبادلة»، بل بسياسة واضحة: تحويل الهدنة إلى آلية لإعادة ترتيب الوجود العسكري، لا لإنهاء الحرب.
“الخط الأصفر»: حدود متحركة لفرض وقائع جديدة

يُفترض أن يمثل «الخط الأصفر» - الحد الفاصل المرسوم بحواجز صفراء- مناطق السيطرة المتفق عليها: شرقاً لقوات الاحتلال، وغرباً لمناطق المقاومة. لكن مصادر ميدانية وحركة حماس تتهم «إسرائيل» بتحريك هذا الخط غرباً بشكل منهجي. ففي يوم الجمعة الماضي، تقدّمت قوات «إسرائيل» 250 متراً داخل مناطق كانت قد انسحبت منها، ما غيّر الخرائط الميدانية وأجبر آلاف النازحين على النزوح مجددًا نحو مناطق غير مأهولة، تفتقر لأدنى مقوّمات الحياة. وفي 22 تشرين الثاني، برّرت «إسرائيل»
غاراتها باعتبارها ردًاً على تسلل مسلح تابع لحماس استهدف جنود في جيش الاحتلال. لكن عزت الرشق، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، نفى هذا الادّعاء جملةً وتفصيلاً، وطالب الوسطاء الدوليين، ولا سيما الإدارة الأمريكية، بالضغط على «إسرائيل» للكشف عن هوية «المسلح المزعوم»، مُتحدّياً مصداقية الرواية الإسرائيلية. كما أكّد أن الحديث عن استهداف مقاتلين في رفح بعد إعطاء ضمانات بإخراج المحاصرين من الأنفاق.

في سياقٍ متصل تناقلت وسائل إعلام عبرية وعربية، في الأيام الماضية، خبراً مفاده أن قيادة حماس أبلغت الوسيط الأمريكي ويتكوف بـ «انسحابها من اتفاق وقف إطلاق النار». وقد نفت قيادة حركة حماس هذا الخبر لاحقاً، ووصفتَته بأنه «مناورة [إسرائيلية]»، تهدف إلى تحميل المقاومة مسؤولية الخروقات، وصرف الأنظار عن الانتهاكات اليومية التي ترتكبها قوات الاحتلال.


قوات حفظ السلام: وصاية أمريكية تحت غطاء دولي


أما مساعي نشر «قوة دولية للاستقرار» في غزة، فتُواجه عقبات جوهرية. فرغم تبنّي مجلس الأمن القرار 2803 في 17 تشرين الثاني، تقتصر المشاركة الفعلية على عدد محدود من الدول (مصر، قطر، الإمارات، إندونيسيا)، بينما تُرفض مشاركة تركيا صراحةً من قبل «إسرائيل». الأهم، أن حماس ترفض وجود أي قوات أجنبية، وتصف الخطة بـ«الوصاية الاستعمارية»، فيما عبّرت روسيا والصين عبر امتناعهما عن التصويت عن مخاوفهما من فرض «وصاية أمريكية» على القطاع، وغياب أي دور للسلطة الفلسطينية في الترتيبات المستقبلية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1253