«إسرائيل» تتلمّس تراجع الولايات المتحدة عنها.. وتناور
تتلمس «إسرائيل» وبشكل ملحوظ تصاعد التناقضات بينها وبين واشنطن حيال التكتيكات والرؤى الاستراتيجية، وهو الصدى الطبيعي والموضوعي لتراجع الولايات المتحدة دولياً، وليس نابعاً عن تغيّر في النوايا، ومن جهة أخرى تصاعد السخط الشعبي الأمريكي اتجاهها، مقابل صعود دعم واسع وأكبر للفلسطينيين، مما يشكل ضغطاً إضافياً على واشنطن للمناورة في دعمها لـ «إسرائيل» على الأقل.
انطلاقاً من هذه الفكرة، باتت «إسرائيل» تحاول بشكل أكبر، استمالة كلاً من إدارة ترامب، وقاعدته الجمهورية، وعموم الأمريكيين، عبر ادّعاء أن مصلحتها من مصلحة الولايات المتحدة عموماً، ومؤخراً بمحاولات التكيّف مع برنامج وشعار ترامب بـ «أمريكا أولاً» لاستمالة واشنطن.
فكانت واحدة من الخطى الأخيرة في هذا السياق، وأبرزها، ما نشره موقع «أكسيوس» عن عرض «إسرائيل» لتمديد الاتفاق الأمني الحالي بينها وبين الولايات المتحدة لـ 20 سنة جديدة، يجري توقيعه العام المقبل، حيث بدأت المحادثات الخاصة به قبل نحو أسبوعين.
ليتضمن العرض «الإسرائيلي» وفقاً للموقع تعديلات على الاتفاق الأمني بحيث يشمل تعاوناً مشتركا بين الطرفين، عوضاً عن مجرد استلام مباشر باتجاه واحد للمساعدات العسكرية الأمريكية، تعاوناً في مجالات تطوير التقنية العسكرية، والذكاء الاصطناعي المرتبط بالأمن، ومشروع القبة الذهبية الذي أعلنت عنه الولايات المتحدة في وقت سابق.
لتأتي هذه المقترحات بصورة تفيد الجيش الأمريكي، بحيث يكون جزء من أموال المساعدات العسكرية الأمريكية ضمن الاتفاق، بمثابة استثمار طويل الأمد في المجالات البحثية، يطوّر القدرة الدفاعية للولايات المتحدة الأمريكية، ومثل هكذا عرض ينسجم مع برنامج وشعار «أمريكا أولاً» ويحاول استمالة ترامب من بوابة دعم الجيش الأمريكي.
إلا أنّ هذا العرض، بمضمونه ورسائله لواشنطن والمجتمع الأمريكي، لا يلغي أن هناك أموالاً طائلة سيجري صرفها على «إسرائيل» من جيوب الناخبين ودافعي الضرائب، وحتى فيما يتعلق بالأمور البحثية نفسها، فإن الأمريكيين أولى بها وبتنفيذها وبتقاضي أجرها عوضاً عن «الإسرائيليين» من وجهة نظر أمريكية بسيطة.
وعليه، فإن العرض المقدم لا يتعدى اعتباره مناورة وغطاء لتمرير تجديد الاتفاق الأمني وأموال المساعدات اللاحقة، لكن ربما صداه وتفاعلاته ستجد لها أثراً أكبر داخل «إسرائيل» نفسها، حيث بات العديد من حلفاء نتنياهو المتطرفين، ومنهم داخل «الليكود» نفسه، يرون أن اعتماد نتنياهو على الدعم الأمريكي وخاصة من ترامب، بات يؤثر على حرية «إسرائيل» السياسية والأمنية والدفاعية، وخاصة منها ما يتعلق بقطاع غزة والضفة الغربية، وهو ما يعكس أحد المؤشرات المتزايدة في التناقض بين «إسرائيل» و«الولايات المتحدة».
وعلى العموم، تدل جميع المؤشرات إلى أن الدعم والمساعدات الأمريكية السياسية والعسكرية والمالية منها لـ «إسرائيل»، تميل نحو الانخفاض على المدى القريب والبعيد، وبات الاتجاه العام يسير بتعالي الأصوات والضغوط الشعبية والسياسية على حد سواء، داخل الولايات المتحدة، بالضد من «إسرائيل» وربما نحو التخلي عنها اضطراراً.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1252