«توما هوك» و«تجارب نووية» ... التصعيد على قدم وساق

«توما هوك» و«تجارب نووية» ... التصعيد على قدم وساق

وافقت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» على توريد صواريخ «توما هوك» بعيدة المدى إلى أوكرانيا مؤخراً، وبات القرار الأخير بذلك جاهزاً ومعلّقاً لدى مكتب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بما يشكل خطوة استفزازية جادة تجاه موسكو، وتحمل أبعاداً تصعيدية نووية.

تحمل صواريخ «توما هوك» تهديدات من نوع خاص بالنسبة لموسكو، لإمكانها حمل رؤوس نووية، ولمدى بعيد يصل إلى ما بعد العاصمة الروسية، وقد أشار المتحدث باسم الرئيس الروسي ديميتري بيسكوف في وقت سابق، أنه إذا ما تم إطلاق صواريخ «توما هوك» باتجاه روسيا، فسيتعين على موسكو اعتبار أن بعض إصدارات هذه الصواريخ من الممكن أن تحمل رؤوساً نووية، بما يعنيه ذلك أن الردّ الروسي عليها سيكون وفقاً لهذا الاحتمال.


من الناحية السياسية - العملية، يستبعد أن يقدم ترامب الموافقة على هذه الخطوة، لما يعنيه من تناقض مباشر مع نواياه المعلنة على الأقل في إنهاء الحرب الأوكرانية، والتقارب مع موسكو، وإعادة العلاقات معها، بالإضافة إلى التناقض المباشر مع كل ما تم إنجازه سابقاً فيما يتعلق بالانسحاب والتراجع الأمريكي من الملف الأوكراني، وتسليمه بدرجة أكبر إلى الأوروبيين للتعامل معه ومع نفقاته وتبعاته.


وفضلاً عن ذلك، فإن خطوة من هذا النوع تعني تدخلاً أمريكياً مباشراً أكبر في الحرب مع موسكو وبشكل معلن، فهذه الصواريخ لا يمكن لها أن تطلق وتسير نحو أهدافها إلا بموافقة وإشراف وإدارة أمريكية مباشرة عبر الأقمار الصناعية، وكان قد أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سابقاً، أنه من المستحيل استخدام هذه الصواريخ دون مشاركة مباشرة من العسكريين الأمريكان، وعليه فإن أي توريد لها إلى أوكرانيا سيؤدي إلى «مرحلة جديدة نوعياً من التصعيد».


وعليه، أمام ترامب تحديان اثنان، الأول: هو التعارض مع جناح كبير ووازن داخل الولايات المتحدة قد دفع وفرض تراجعاً في الملف الأوكراني. الثاني: هو نسف لكل التقدم السابق في العلاقات مع موسكو، بل ودفع الأمور لوضع أسوأ مما كان عليه قبل انتخابه رئيساً.
من زاوية أخرى، يظهر أن الإدارة الأمريكية تقدم على خطى استفزازية وتصعيدية سياسية–إعلامية على الأقل، فكان منها أيضاً التلويح باحتمالية استئناف التجارب النووية تحت الأرض في الولايات المتحدة، وهو ما ردت عليه موسكو بقولها: إنها لم تخترق معاهدة حظر التجارب النووية، لكنها أكدت أنه بحال استأنفت واشنطن تجاربها، فستقدم موسكو على الأمر نفسه.


من غير الواضح بعد ما مدى جدّية واشنطن بكلا الموضوعتين: «توما هوك» و«التجارب النووية»، إلا أنها وبكل تأكيد ترسل إشارات غير مطمئنة، رغم تعارضها مع الاتجاه العام السابق، مما لا يدع مجالاً لموسكو إلا بالتعامل معها كتهديدات جادة، ترفع من حدة التوترات بدرجة كبيرة بالمحصلة، وتضع الأمور على حافة خطرة، حيث أن أي خطأ أو تسرّع من أيّ طرف قد يدفع الأمور للانزلاق نحو حرب أوسع وأشمل، تجاه أوروبا على الأقل.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1250