الإغلاق الحكومي الأمريكي الجاري يُنافس لدخول التاريخ
ملاذ سعد ملاذ سعد

الإغلاق الحكومي الأمريكي الجاري يُنافس لدخول التاريخ

دخل الإغلاق الحكومي الأمريكي الجاري الذي بدأ في 1 تشرين الأول شهره الثاني، وبعد يومين فقط ستتجاوز مدته مدة أطول إغلاق حكومي مسجّل في تاريخ الولايات المتحدة بين عامي 2018 و2019 واستمر 35 يوماً آنذاك... مما يعكس درجة الانقسام والخلاف والأزمة الحاصلين داخل الولايات المتحدة، ويزيد من خسائرها الاقتصادية.

منذ بداية تشرين الأول، فشل الكونغرس الأمريكي في 13 جلسة تصويت لتمرير تمويل حكومي وإنهاء الإغلاق الحكومي الجاري، وكانت نتيجة جلسة التصويت الأخيرة يوم الجمعة 54 صوتاً مؤيداً بمقابل 45 معارضاً، أي بفارق 6 أصوات عن الـ 60 اللازمة لنجاح التصويت.


وفقاً للتقارير، تتراوح الخسارة الاقتصادية الناجمة عن الإغلاق الحكومي يومياً بين مليار وملياري دولار من الناتج المحلي الإجمالي، فضلاً عن تعطّل عمل العديد من الأجهزة والوكالات الفيدرالية، وتجميد رواتب عشرات آلاف الموظفين الفيدراليين الذين إما يعملون بلا أجر، أو أجبر بعضهم للذهاب بإجازات غير مدفوعة الأجر، فضلاً عن فصل الآلاف منهم.


وتعطل هذه الأجهزة، ونقص الموظفين يؤدي بشكل متصاعد إلى تضرر حركة الطيران داخل الولايات المتحدة بالدرجة الأولى، حيث بلغ متوسط تأخر الرحلات إلى 90 دقيقة، مما له آثار اقتصادية واجتماعية سلبية كبيرة.
ووفقاً لتقرير عن صحيفة الغارديان البريطانية، بات يهدد الإغلاق قرابة 40 مليون من الأمريكيين الفقراء، المعتمدين على برنامج الإعانات الغذائية والصحية «سناب» في معيشتهم، علماً أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان قد أبدى استعداداً للإبقاء على تمويل البرنامج.


كما يؤثر الإغلاق الحكومي- خاصة إذا ما استمر طويلاً- على الجانب الخارجي للاقتصاد الأمريكي، ويضعف الثقة أكثر بالدولار الأمريكي نفسه، حيث يؤثر على تأخّر العديد من الحركات والمعاملات والاتفاقات المالية والتجارية، بسبب نقص الموظفين الفيدراليين أو تعطل بعض الأجهزة المرتبطة بهذه المسائل عن العمل.


ولا تظهر مؤشرات جادة حتى الآن بقرب التوصل لاتفاق حول الموازنة المالية ما بين الطرفين الجمهوريين والديمقراطيين في الكونغرس، وبات يجري الحديث أكثر عن اتفاقات جزئية ومؤقتة لتمويل برنامج الإعانات، أو دفع أجور الموظفين الفيدراليين والعسكريين كلّ على حدة، مما يرسخ حالة التوتر والتجاذب أكثر.


تعكس هذه الأزمة الحكومية بجوهرها أحد جوانب الانقسام لدى النخبة الأمريكية فيما يتعلق بإدارة الاقتصاد داخل البلاد، وكيفية توجيه التمويل الحكومي وفقاً للأجندات السياسية المتباينة لدى الطرفين، واستمرار هذا الخلاف السياسي - المالي داخل الكونغرس يهدد بانتقاله وخروجه نحو توترات اجتماعية بين جمهوري الطرفين، لما له من تأثير على حياة الأمريكيين مباشرة، بين مستفيدي برامج «أوباما كير» و«سناب» والموظفين الفيدراليين المحسوبين على مقاطعات جمهورية أو ديمقراطية، فضلاً عن ورقة العسكريين الذين يستميلهم ترامب عبر استمرار دفع مرتباتهم رغم الإغلاق.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1250