العالم يتّحد لأجل فلسطين، ومنها لأجل كل شيء
أقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة «إعلان نيويورك» الذي ينصّ ويؤكد على قيام دولة فلسطينية كاملة مستقلة وذات سيادة، بعد وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب على غزة، وحظي القرار بتأييد وموافقة 142 دولة، مقابل اعتراض 10 وامتناع 12، في حين تواصل سفن أسطول الصمود العالمي إبحارها باتجاه غزة، وعلى متنها ناشطون يحملون جنسيات أكثر من 44 دولة، محميون أولاً من عمْال بعض الموانئ في أوروبا، الذين هددوا بـ «شلّ أوروبا» وحرمان «إسرائيل» من «مسمار واحد» بحال تعرض الأسطول وطواقمه لأي اعتداء.
يرى ويصف بعض المحللين، أن ما يجري على المستويين الشعبي والسياسي عالمياً بالعموم، وأوروبياً بالخصوص، فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني «الإسرائيلي»، على أنه بمثابة «صحوة» أممية بعد غفلة طويلة، وباتت تفرض مهمات وتحديات وإجراءات حاسمة على حكوماتهم وقواهم السياسية للتحرّك لأجل هذه القضية الإنسانية أولاً وقبل كل شيء.
بيد أنه توصيف مجحف بعض الشيء، وقد لا يكون صحيحاً من وجهة نظر مغايرة ترى أن الصراع الفلسطيني «الإسرائيلي» كان على الدوام حاضراً، والشعوب لم تكن يوماً غافلة عنه، وكان دوماً يمثل خلاصة صراع طبقيّ وإنسانيّ بشكله السياسيّ والعسكريّ بين عالمين مختلفين: العالم الذي يمثله الفلسطينيون من اضطهاد واستغلال وحرمان مباشر وغيرها بأكثر صوره الحادة والمؤسفة، والعالم الذي تمثله «إسرائيل» من مُضطهدِين ومستغلِين ومستعمرِين وناهبين والخ بأكثر الأشكال تطرفاً ووحشية.. وبين هذا وذاك لم تكن مجتمعات العالم– لا بعض الأفراد– بعيدة او غافلة عنه، بل كانت دوما بدرجة أو بأخرى ترى نفسها مرتبطة به، تتأثر به، وتؤثر فيه.
فالتحركات المتصاعدة التي نشهدها اليوم سواء الأممية كشعوب أو الدولية كحكومات وجهات سياسية، هي بالضبط محصلة تراكم واحتقان طويل سابق موجود ومحسوس أساساً، ومرتبط مباشرة بعموم الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي يشهدها العالم في كل مكان اليوم وتتزايد، ووجد خلال ذلك فرصته لينهض بعدما باتت الضرورة تفرض نفسها عليه لانفجاره، ومجدداً: الصراع الفلسطيني «الإسرائيلي» هو شكله الأكثر وضوحاً وذروةً في البعد الإنساني، وعليه، إن هذه التحركات الأممية والدولية على حد سواء من غير المرجح أن تقف عند حدود القضية الفلسطينية لوحدها، بل من المرجح أن هذه القضية بالضبط، لخصوصيتها وحدّتها، تمثل شرارة ومهمازاً لحركة تضامن ونضال منسق ومتحد مستمر، سيتطور تباعاً، وبشكل تدريجي، وبالتحديد وبالعمق منه، هو الصراع الطبقيّ بين الناهب والمنهوب، بين الشعوب والنظام الاقتصادي الاجتماعي الدولي السائد، والذي بدوره ليس «مغيباً» عن وعي أيّ كان وسيتعرض لـ «صحوة» مفاجئة لاحقاً.
فالمواجهة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الأممية والدولية الجارية لأجل فلسطين بمواجهة «إسرائيل» هي بالضرورة وبطبيعة الحال مواجهة مع هذا النظام العالمي الذي أنتج هذا الكيان، بكل مفرداته ومستوياته، والقضية الفلسطينية باب أوّل يجري طرقه بهذا المسار..
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1243