ترامب يتحرك في هوامش ضيقة جداً
سبب القرار المنفرد للرئيس الأمريكي في ضرب المنشآت النووية الإيرانية، كغيره من القرارات، ارتفاع حدّة الانقسام في الداخل الأمريكي، فمنذ سنوات نسمع آراءً متضاربة حول كلّ صغيرة وكبيرة، لكن الضربة الأخيرة يمكن أن ترفع بشكلٍ ملحوظ من حدة المواجهات في الشارع ومؤسسات اتخاذ القرار في الولايات المتحدة الأمريكية.
لدى الرئيس ترامب صلاحيات بوصفه القائد الأعلى للقوات المسلّحة الأمريكية، ولكن الرئيس بموجب القانون ملزم بإبلاغ الكونغرس، وهو ما يبدو أنّه لم يحصل، أو حصل لأشخاص محددين مقربين من الرئيس ترامب، على هذا الأساس خرجت أصوات منتقدة من داخل المؤسسة التشريعية تتهم ترامب بتجاوز صلاحياته، ويمكن أن يتعاظم هذا الخلاف بحسب تطور الأحداث، فالرئيس لا يملك صلاحيات لإعلان الحرب، وهي محصورة بيد الكونغرس، لكنه قادر إذا ما أبلغ المجلس بأن ينفذ عمليات محدودة لـ 60 يوماً قابلة للتمديد.
المشكلة لا تنحصر بالكونغرس، فأنصار الرئيس في المجتمع يؤيدونه على أساس شعار «أمريكا أولاً» وأدت الضربة الأخيرة إلى اضطراب في صفوفهم، فشريحة واسعة منهم رأت أن تورط الولايات المتحدة في هذه الحرب يتعارض كلياً مع الشعار المرفوع.
آراء متناقضة في الكونغرس
أيّد رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون الضربة، ودعا الكونغرس لدعم توجهات الإدارة الأمريكية، من جانبها، دعمت النائبة الجمهورية مارجوري تايلور غرين خيار الرئيس ترامب، لكنّها في الوقت نفسه، أكدت على ضرورة ضمان عدم انجرار الولايات المتحدة إلى حروب خارجية مكلفة، مشددةً على أن سياسية «أمريكا أولاً» يجب أن تركز على حماية المواطنين الأمريكيين بدلاً من التورط في صراعات خارجية، ويشير موقف غرين إلى وجود تيار متحفظ ضمن الجمهوريين أنفسهم، وسيكون موقفهم قابلاً للتطور بحسب تتطور الأحداث.
أما في الجهة المقابلة، رفض زعيم الأقلية الديموقراطية حكيم جيفريز الضربة، وطالب بعقد جلسة طارئة للكونغرس لمراجعة الإجراءات، مؤكداً: أن ما جرى يُعد تجاوزاً لصلاحيات الرئيس. كما ذهب النائب تشاك شومر في اتجاه مشابه، وحذر من أن الخطوة «ستعزز موقف المتشددين في إيران وتضعف فرص التفاوض».
كما ذكّر النائب المستقل بيرني ساندرز بالكوارث التي تسببت بها التدخلات العسكرية الأمريكية ودعا في الوقت نفسه لتوجيه الموارد للداخل لتأمين الرعاية الصحية بدلاً من إنفاقها على حروب باهظة التكاليف.
الهوامش الضيقة
يتحرك الرئيس ترامب وفق هوامش داخلية ضيقة، وهو ما يمكن أن يدعم أن الضربة أتت شكلية إلى حد كبير، وهو ما أيده سكوت ريتر ضابط المارينز السابق، ومفتش عمل مع الأمم المتحدة للبحث عن أسلحة الدمار الشامل في العراق سابقاً، بالنسبة لريتر: «ضربات استعراضية لحفظ ماء الوجه، من دون أن تحقق أي شيء يُذكر». فالرئيس واقع بالفعل تحت جملة من الضغوط المتناقضة، وهو لذلك في موقع صعب، ما يجعل اتباعه لسلوك استعراضي مخرجاً مؤقتاً من الأزمة الداخلية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1231