محادثات روسيا أوكرانيا.. تقدّمٌ جديد فرضه الميدان
عقدت أول جولة من المحادثات المباشرة بين وفدين ممثلين عن موسكو وكييف بعد قطيعة دامت ثلاث سنوات، وذلك في مدينة إسطنبول التركية يوم الجمعة 16 أيار الجاري، في خطوة هي الأولى من نوعها بإطار إنهاء الحرب وتحقيق السلام.
انتهى الاجتماع باتفاق الطرفين على تبادل 1000 من الجنود الأسرى من الجانبين، مع إمكانية عقد اجتماعات أخرى لاحقاً، وبينما يصوّر البعض أن الاجتماع كان «فشلاً» إلا أن الحقيقة غير ذلك، فمجرد عقد هذه المحادثات المباشرة يعد بحد ذاته تقدماً في الملف الأوكراني، ناهيك عن التوصل لاتفاق مهما كان، وفي هذا السياق الإفراج عن الأسرى، مما يشكل خطوة في بناء ثقة أولية تجاه أي محادثات لاحقة.
أما حجم الهوّة والخلافات والمشاكل بين الطرفين فهو بالضبط ما يستدعي إجراء المحادثات، ومن البديهي أن تكون «صعبة» استناداً لطبيعة الأزمة وعمقها وتعقيدها، وتعدد الأطراف الداخلة والفاعلة فيها غربياً، فضلاً عن الحرب الطاحنة، وعليه، من المبكر جداً التوصل لاستنتاجات، أو الحديث حول «نجاح» أو «فشل» المحادثات، إلا أنه بالتأكيد يُعد تقدماً جديداً فرضه الواقع في الميدان.
ما هي الخلافات؟
في التفاصيل، يتعلق الخلاف الرئيسي، والذي تجدد تصديره إعلامياً بعد المحادثات الأخيرة، حول المطالب الروسية المتمثلة بشكل أساسي بتخلي كييف تماماً عن فكرة الانضمام لحلف الناتو، وضمان حيادها السياسي والعسكري، وتثبيت هذا الأمر دستورياً في البلاد، فضلاً عن تخليها عن الأراضي التي تم الاستفتاء عليها شعبياً بالانضمام إلى الاتحاد الروسي، والحفاظ على حقوق الناطقين بالروسية في أوكرانيا وغيرها. وفي هذا الإطار، طالب الوفد الروسي الأوكرانيين بالانسحاب عسكرياً من عدة مناطق في الشرق، تمهيداً لأي اتفاق بوقف إطلاق نار شامل لاحقاً، وهو ما اعتبره الأوكرانيون مطلباً غير معقول.
وفي حين لم يأتِ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كما كان يأمل نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أكد الوفد الأوكراني والعديد غيرهم، أنه ينبغي عقد قمة على أعلى مستوى بين البلدين، تشمل الرؤساء، إذا ما كان هناك نية فعلاً للتوصل لاتفاق سلام.
لكن يبدو أن موسكو لها رؤية مختلفة، فقد أكد بوتين أن النتيجة من العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا ينبغي أن تكون بإزالة الأسباب التي أدت إلى نشوء الأزمة أساساً، وأن تحقق سلاماً طويل الأمد بين البلدين.
ومن ذلك، فإن عقد قمة بين رؤساء البلدين ممكن حينما يرغب الطرف الأوكراني بتفهم وبحث هذه الأسباب بالضبط، عوضاً عن الحديث والتفاوض حول نتائجها التي تشكل العملية العسكرية إحداها فقط، أي بالتحديد، التخلّي عن الانضمام للناتو، أو إنشاء أيّ بنية تحتية مرتبطة به، أو بأيّ من أعضائه، فضلاً عن موضوعة «شرعية» زيلينسكي الحالية من وجهة النظر الروسية التي قد تسمح أو لا تسمح بمثل هكذا لقاء.
لا يزال طريق المحادثات في أوله، إلا أن عقده أولاً، والتوصل لاتفاق حول تبادل الأسرى ثانياً، والإعراب عن إمكانية عقد محادثات أخرى لاحقاً، جميعها مؤشرات تدل على إحراز تقدم في الملف الأوكراني، ولصالح موسكو وكييف، إلا أنه ليس بصالح حكومة زيلينسكي وحلفائه من المتشددين الغربيين على أيّ حال.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1227