الملف الأوكراني يدخل فصلاً جديداً: «المحادثات المباشرة» باتت على الطاولة
تتعرض كييف ومعها حلفائها الأوروبيين لضغوط كبيرة خلال الفترة الأخيرة، مع تقدم موسكو العسكري والسياسي، وتهديد واشنطن المستمر بالانسحاب نهائياً من الملف الأوكراني في حال لم يتم التوصل لتسوية به.
تدل كل المؤشرات منذ حين، أن الملف الأوكراني بات بمراحله الأخيرة، رغم بطء التقدم الملموس فيه، كنتيجة لكل محاولات العرقلة والتجميد التي يفتعلها المتشددون الغربيون، ومؤخراً، بعدما أعلنت موسكو تحرير كورسك وتوسيع عملياتها داخل أوكرانيا، والضغط الأمريكي لإنهاء النزاع أو الانسحاب منه، وغيرها من الأمور، اضطر الغربيون، بعد زيارة قادة من فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة وبولندا إلى كييف، لتقديم تنازلٍ شكليٍ مضمونه شراء الوقت والمماطلة مجدداً، كان عنوانه مقترح لوقف إطلاق نار شامل لمدة 30 يوماً بدءاً من 12 أيار، أو سيفرضون على روسيا عقوبات جديدة قاسية!
إلا أن موسكو ردت بخطوتين، الأولى: التأكيد على أن هذه المبادرة تشكل تطوراً مهماً، إلا أن محاولات الضغط على روسيا بلا جدوى، ورفضت المقترح، والثانية والأهم: اقتراحها بعقد محادثات سلام مباشرة في إسطنبول في 15 أيار، دون شروط مسبقة، وبهدف تحقيق سلام دائم عبر معالجة القضايا الجوهرية والأساسية التي أدت لإطلاق العملية العسكرية الروسية الخاصة.
إلا أن الغربيين يدفعون بالاتجاه المعاكس، حيث أبدى زيلينسكي استعداده للقاء الروس، إلا أنه وضع مسألة قبول روسيا لوقف إطلاق النار المقترح كشرط مسبق لهذا الأمر، بينما دعمه الأوروبيون، وخاصة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، بانتقاد مقترح المحادثات، معتبرين إياها محاولة لشراء الوقت، وهو العبث والتشويش الدائم الذي يفتعله الغربيون لإطالة أمد النزاع.. فكيف يمكن لمحادثات مباشرة أن تكون شراءً للوقت، بينما تجميد لـ 30 يوماً حلاً؟
بالنسبة لموسكو، وقف إطلاق نار شامل غير مرتبط باتفاقات عملية بهذا الشكل، لا يؤمن شيئاً لها، بينما يؤمن كل شيء بالنسبة لكييف وحلفائها للتحضير لتصعيد جديد، والخطى الصحيحة بسيطة وواضحة، فمن الممكن التوصل لوقف إطلاق نار «دائم» وليس مؤقتاً كما هو مقترح، وصولاً للسلام، إذا ما عقدت المفاوضات المباشرة دون شروط مسبقة، وتم التوصل لتوافقات، ويكون بالتالي وقف إطلاق النار أحد مفردات المحادثات، وأحد عوامل الثقة المتبادلة في إطار العملية السياسية، عوضاً عن استخدامه سلاحاً للعرقلة والتفجير مجدداً.
رغم ذلك، وسواء عقدت هذه المحادثات قريباً أم لا، فإن هذه الأحداث والتطورات السياسية والدبلوماسية، تشكل بدورها مؤشرات أخرى جديدة مضافة لما سبق، حيث أصبح الحديث يدور حول «محادثات مباشرة» وبإعلانات صريحة بالاستعداد للقاء ثنائي من قبل روسيا وأوكرانيا، وهو تطور غير مسبوق بهذا المستوى، وعليه، فإن التقدم بتسوية الملف الأوكراني، رغم تباطؤه، جار على قدم وساق.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1226