معاهدة فرنسية – بولندية... هل نشهد بداية انحلال الناتو؟!
وقعت كل من فرنسا وبولندا في 9 أيار معاهدة صداقة جديدة، تتضمن بنداً حول التعاون العسكري والدفاع المشترك، وتعزيز الصناعة الدفاعية المشتركة، كما وقع الطرفان وثيقة أخرى تتعلق بالتعاون الثنائي في مجال الطاقة النووية.
جاء توقيع المعاهدة بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البولندي دونالد توسك بسياق وتصريحات واضحة معادية لروسيا، ويتضمن بندها العسكري المساعدة المتبادلة في صد أي هجوم عسكري معادي قد يطال أي من البلدين.
وفي حين أكد ماكرون خلال مؤتمر صحفي له، أن المعاهدة «لا تحل محل» الدفاع المشترك في إطار حلف الناتو، إلا أن الحقيقة قد تكون غير ذلك، ففرنسا بالتحديد كانت أول من بادر منذ سنوات، خلال عهد ترامب الماضي، باقتراح رسمي لإنشاء تحالف عسكري دفاعي أوروبي جديد، مغاير للناتو، ودون الولايات المتحدة، وكان ذلك وسط الخلافات الدائرة حول ميزانيته، ومدى إسهام كل دولة بتمويله من ناتجها المحلي.
يتكرر الآن الأمر نفسه، مع عودة ضغط الولايات المتحدة على الدول الأوروبية لرفع النسبة المخصصة للدفاع في الناتو من الناتج المحلي، والخلافات السياسية الأوروبية الأمريكية، هذا الضغط والخلاف الذي بات يضع التحالف على طاولة البحث بمدى إمكانية استمراره أو تفككه.
في هذا السياق، أقدمت فرنسا على توقيع المعاهدة السابقة مع بولندا، والتي لا تشكل بحال من الأحوال تهديداً يذكر بالنسبة لروسيا، فلا شيء جديد فيها عما هو موجود أساساً، فضلاً عن أن الوثيقة لا تفرض دفاعاً ملزماً، إلا أنها في الحقيقة إشارة للولايات المتحدة نفسها، ولحلف الناتو، فهي قد تشكل نواة أولية قابلة للتوسع لموضوعة التحالف الدفاعي الأوروبي الجديد، والبديل عن الناتو، ومن جهة أخرى فإنها تمثل- بالتوازي مع وثيقة الطاقة النووية- استمالة أكبر لبولندا، ودعماً لها، وترسيخاً لموقعها بمواجهة روسيا.
وعلى أي حال، فإن الأزمة والمشكلة الأوروبية تتمثل بأن أي موضوعة تحالف دفاعي جديد، لا وجود للولايات المتحدة به، لن يكون إلا أضعف بما لا يمكن مقارنته مع «حلف الناتو» القائم أساساً، وذلك فضلاً عن أن العديد من الدول الأوروبية الموجودة ضمن حلف الناتو الآن، لن تدخل بالضرورة بأي تحالف دفاعي جديد، حيث تبرز خلافات وتباينات أوروبية – أوروبية كذلك الأمر، وليس أولها وآخرها المواقف الهنغارية الواضحة كمثال واحد.
إن محاولات المتشددين الأوروبيين إطالة أمد الصراع مع القوى الدولية الجديدة، ومحاولات عكس عجلة التاريخ بشتى الأشكال والوسائل، لا أفق أمامها في الحقيقة، وبمرور الوقت تصبح هذه المحاولات أكثر هزالة وهزلية بآن واحد، فما لم ينجز بالناتو بمواجهة روسيا، لن ينجز بأي تحالف أضعف وأصغر.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1226