قضايا الشرق .. أزماتنا  على طاولة الحل!

قضايا الشرق .. أزماتنا على طاولة الحل!

إذا ما نظرنا إلى النظام السياسي العالمي، وما نتج عنه من أزمات خلال العقود الماضية، لاستطعنا إدراك أن الأزمات العالقة من ليبيا إلى السودان واليمن وسورية والعراق وأفغانستان، وعلى رأسها أزمة الشرق الأوسط الأساسية، الناتجة عن عدم حل القضية الفلسطينية، ذلك كلّه في الواقع هو التجلي الملموس للنظام الدولي بالنسبة لنا، فلم يستطع المجتمع الدولي فعلياً حل أيّاً من هذه القضايا، لا بل يمكن أن تشمل القائمة عشرات الأزمات الأخرى في أصقاع الأرض، والتي جرى تأخيرها أو التعتيم عليها، لكنّها ظلّت جاثمة على صدورنا.

ولأننا نعيش اليوم في اللحظات الأخيرة للنظام العالمي منتهي الصلاحية، فنحن إذاً أمام فرصة حقيقية لحل هذه الأزمات العالقة كلها، لا بل إن الجذور العميقة لهذه الأزمات كلها، ومهما اختلفت خصائصها، تظل في الواقع مرتبطة إلى درجة كبيرة بشكل النظام العالمي.
فالقضية الفلسطينية ووجود الكيان الصهيوني كمشروع يرتبط بشكل عضوي بطبيعة العلاقة بين الغرب الاستعماري والشرق، ولم يكن من الممكن أن يهيمن الغرب على العالم إلا باستخدام أدوات متعددة ذات طبيعة مختلفة باختلاف الحالة، ففي الشرق كان لا بد من وجود قاعدة متقدمة توكل إليها المهام القذرة تحديداً، وأن تتحول إلى عصا تضرب يميناً وشمالاً، وتشغل المنطقة، لكن إذا ما فرض على الغرب التراجع، فهذا يعني أن قاعدته المتقدمة «الكيان الصهيوني» ستكون أول المتأثرين، فكان البعض قد شبّه الكيان بأنّه «حاملة طائرات» ترسو على شواطئنا لن يطول الانتظار حتى تتلقى أمراً بالإبحار مجدداً.
الأحداث السياسية العاصفة التي شهدتها المنطقة، وسمّيت بالـ «الربيع العربي» كانت في جوهرها صرخة من الشعوب العربية ضد مستويات النهب والقمع التي تعرضوا لها لعقود، لكن لم يكن واضحاً بعد بالنسبة لهم أن الأنظمة السياسية القائمة، كانت تعمل في الحقيقة بوصفها ميسّر مأجور لعمليات النهب التي كان يقوم بها الغرب، وهذه الأنظمة كانت تؤدي مهمة أساسية في قمع أصوات الأنين في صدور الشعوب المنهوبة.
ما سبق، لا ينفي وجود خصوصية لكل أزمة على حدة، ولا يعني أبداً أن ما جرى في ليبيا غير ما جرى في سورية، وغير ما جرى في مصر، وغير ما جرى في فلسطين، لكن هناك رابط أساس بين هذه الأزمات كلها، وما يشابهها في البقاع الأخرى، وإن عملية إعادة صياغة النظام السياسي العالمي لا يمكن أن تتم إلا عبر حل هذه الأزمات، لا بل إن حل كل أزمة عالقة يعني تثبيت أقدام النظام الجديد أكثر.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1215