قضايا الشرق .. واهمون أولئك الذين ينتظرون «حلّاً أمريكياً»

قضايا الشرق .. واهمون أولئك الذين ينتظرون «حلّاً أمريكياً»

لم يتوقف الإدعاء الأمريكي بالسعي لوقف الحرب في غزّة والوصول لوقفِ إطلاقٍ للنار، وبرغم التجربة الطويلة مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة، ظلّ هناك البعض ممن يصدّقون وجود مساعٍ كهذه، ويتابع هؤلاء الواهمون آخر تصريحات المسؤولين الأمريكيين، ويأملون خيراً مع كل وعدٍ جديد!

التجربة، كما كانت دائماً، هي محطة إجبارية في الطريق إلى المعرفة، وهي خيرُ دليلٍ في واقعنا اليوم، على حجم الكذب الأمريكي، فالمبادرات لم تتوقف أبداً، ويكاد لا يمر يوم إلا ويدّعي الأمريكان «صدق مساعيهم»، لكن سلوكهم الملموس، ودورهم المعلن في الحرب الحالية، وفي الدفاع عن «إسرائيل» يدحض كل ادعاءات الحياد، ويثبت استحالة استمرار دورهم كميسّر لأي مفاوضات سواء في فلسطين أو خارجها!
وبينما يرى بايدن، للمرة الألف، «اتفاقاً يلوح في الأفق» تتعلم الشعوب في الشرق الأوسط ومن دمائها الغالية، أن هناك حلولاً ومخارجاً للمشاكل التي تواجهها، لكنّها لن تكون أبداً عبر البوابة الأمريكية، ففي نظرة سريعة يتضح أن الولايات المتحدة اكتسبت خبرة هائلة في كيفية الظهور بمظهر الوسيط، في الوقت الذي تصب فيه الزيت على النار، ففي القضية الفلسطينية، والأزمات في سورية وليبيا والسودان واليمن وغيرها هناك قاسمٌ مشترك، وهو الدور الأمريكي، الذي يحاول فرض وصفاته في الحل، ويدفع مندوبيه إلى المقاعد الأولى في أي مفاوضات يمكن أن تجري.
التعطيل وإعاقة الحلول وتأجيج المشكلة هي الاستراتيجية الأمريكية الثابتة منذ عقود، لكن عوامل كثيرة تتغير، فاليوم، لم تعد هناك حاجة لجهدٍ كبير لإثبات دورهم التخريبي، فهذه الحقيقة أصبحت أكثر وضوحاً في أذهان الشعوب، ونادراً ما تجد أحداً يصدّق الأكاذيب الأمريكية، لكن الكثير من البنى السياسية سواء أكانت في السلطة ،أو ضمن الفضاء السياسي العام، لا تستطيع حتى اللحظة كسر هذه الأغلال، وربما تكون التصريحات الأمريكية المتكررة حول «مبادرات سلام» هنا أو هناك، موجّهة لهؤلاء بشكلٍ خاص، فهم أيضاً لا يصدّقون الوعود الأمريكية في قرارة أنفسهم، لكنّهم لم يتعلّموا بعد ممارسة السياسة إلا عبر قواعدها المنقرضة، وليستطيعوا تبرير مواقفهم المتخلفة أمام أنفسهم، وأمام جمهورهم المحدود، ينبغي أن يخرج مسؤول أمريكي في صباح كلِ يوم ويقول كذبةً معتادة.
إدراك الشعوب لهذه الحقيقة سيضع أمامها قبل كلِ شيء تفتيت كل البنى التي روّجت لهذه الأكاذيب، وإيجاد البدائل عنها وتجاوزها، ووقتها فقط ستظهر الحلول، تلك التي كانت أمامنا منذ زمن، لكننا لم نستطع رؤيتها بسبب كمِّ التشويش المهول.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1188