«إسرائيل» تتورط مجدداً…ماذا لو لم تنتهِ الحرب؟

«إسرائيل» تتورط مجدداً…ماذا لو لم تنتهِ الحرب؟

يتضح مع استمرار الحرب العدوانية على غزة أنها تتحول إلى مأزق كبير بالنسبة للولايات المتحدة والكيان الصهيوني، فمع الخسائر البشرية الكبيرة في صفوف المدنيين الفلسطينيين، التي تحوّلت إلى صفحة مؤلمة جديدة في تاريخ القضية الفلسطينية، يظهر في الأفق حجم ألسنة اللهب المشتعلة في جبهة الخصوم، حرائق تحوّل كل أهدافهم إلى رماد!

خرج وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يوم الجمعة 19 تموز الجاري ليعلن أن وقف إطلاقٍ للنار بين حركة حماس و«إسرائيل» يقترب أكثر، موضّحاً: «المفاوضون يتجهون صوب الهدف النهائي» لكنّه نوّه في الوقت ذاته، إلا أن بعض المشكلات لا تزال «بحاجة إلى حل وإلى تفاوض»، تصريحات بلينكن هذه تشبه إلى حد كبير تصريحاته السابقة كلّها، لكن الفرق أن أطرافاً كثيرة ودولاً متعددة كانت تعتقد حقاً أن الولايات المتحدة تعمل على الوصول إلى وقفٍ لإطلاق النار، لكن بعد أكثر من تسعة أشهر، فقدت التصريحات الأمريكية أي مصداقية، ولم يعد من الصعب إثبات أن الحديث عن مبادرات من هذا النوع، كان بهدف التغطية على دعم أمريكي للحرب التي شنّها جيش الاحتلال منذ 7 أكتوبر الماضي، الحرب التي استثمرت الإدارة الأمريكية فيها، ووضعت أهدافها، وقادت عدداً كبيراً من عمليتها.

نتنياهو في رفح!

مع أن جيش الاحتلال لم يحقق أياً من أهدافه المعلنة، ويتلقى الخسائر على مدار الساعة، إلا أنّه مستمر في سياسته، فمع دخول قوات الاحتلال إلى رفح، ظهر أنه لن يكون حدثاً عادياً، فهو الحد الجغرافي النهائي في القطاع، ولكنه في الوقت نفسه النقطة الأقرب للحدود الفلسطينية المصرية، ومع توسع عمليات الكيان هناك، ازداد الحديث حول أن وجود هذه القوات في تلك المنطقة يشكل انتهاكاً لاتفاقية كامب ديفيد، التي تنص صراحة على أن تواجد قوات في المناطق الحدودية ينبغي أن يخضع لمحددات واضحة، ولا ينبغي تجاوزها، لكن رئيس وزراء الكيان وفي أثناء زيارته الخاطفة لجنوده هناك، قال بالحرف: «تعزز لديّ الفهم أن سيطرتنا على محور فيلادلفيا الحدودي مع مصر ضرورية من أجل الاستمرار» وهو ما يشير إلى أن الكيان عازم على الحفاظ على مستوى التوتر الحالي، بل ويسعى إلى تضخيمه قدر المستطاع، لكن كل ذلك يطرح أمامنا اليوم خيارات محدودة لا يمكن تجاهلها.

ماذا لو لم تنتهِ الحرب؟

منذ أعلن جيش الاحتلال عن أهدافه في حرب غزّة الأخيرة، كان من الواضح أن تحقيقها أشبه بالمهمة المستحيلة، وفي حينها بدا وضوحاً أن الهدف العميق من كل هذا هو تهجير الفلسطينيين من القطاع، أملاً في إيجاد واقع جديد في غزّة، بالإضافة إلى هدف أشمل، وهو محاولة تفجير المنطقة تحت وقع ضغط هائل، لكن الأجواء الإقليمية حافظت على مستوى ما من الاستقرار، وبالرغم من أن خطر التفجير لا يزال قائماً، إلا أنه أبعد وأصعب مما كان عليه في تصورات السياسيين في «إسرائيل» والولايات المتحدة، وما يجري هو العكس تماماً، إذ تتصدع الجبهة الداخلية أكثر في الولايات المتحدة وفي الكيان، والأهم، أن الحرب تتوسع، ولكن في عكس الاتجاه الملائم لهم.

من اليمن!

بعد أن أفادت وكالات الأنباء بحدوث انفجار في مدينة يافا المحتلة، خرج المتحدث الرسمي باسم جماعة أنصار الله اليمنية ليعلن مسؤولية الحوثيين عن هذا الهجوم، الذي تم تنفيذه بطائرة مسيّرة قطعت أكثر من 2000 كلم لمدة تقارب العشر ساعات، ولم تستطع أجهزة الرادار التصدي لها أو رصدها! لتشكّل تهديداً جديداً ونوعياً للكيان، وما يثير الانتباه أن جيش الاحتلال وفي إجراء جوابي على هذه الهجمة، أعلن عن ضرب أهداف داخل اليمن نفذها سلاح الجو «الإٍسرائيلي» ما يعني أن الكيان تورّط أكثر وعلى جبهة جديدة، ودخل في مواجهة أوسع مع الحوثيين في اليمن الذين أثبتوا خلال عشر سنوات أنهم رقمٌ صعب، رغم تسليحهم البسيط! واليوم تخوض هذه الجماعة مواجهات مباشرة مع قوى عظمى، مثل: الولايات المتحدة وأطراف أخرى، مثل: بريطانيا والكيان الصهيوني، ومع ذلك تستطيع أن تدير المعركة بلياقة ملحوظة، فبحسب صحافة العدو، طوّر الحوثيون «مناعة ضد الهجمات الخارجية» ما سيسمح لهم «بحسب المصدر نفسه» بالاستمرار في «إطلاق النار على [إسرائيل]، وعلى السفن المارة في مضيق باب المندب، وعلى تهديد الوجود البحري الأمريكي في المنطقة، من دون أن تتضرر «استمرارية عملياتهم» بشكل كبير».

يخوض جيش الاحتلال حرباً على جبهات متعددة، مع المقاومة اللبنانية والفلسطينية في الشمال، ومع المقاومة الفلسطينية في الجنوب، والآن تتوسع المواجهات مع الحوثيين، مع وجود جبهة أخرى مشتعلة في الشرق مع فلسطينيين في الضفة الغربية، في الوقت ذاته تتحول الحرب إلى كارثة بالمعنى الاقتصادي، لا من حيث تكاليفها فحسب، بل بسبب الضرر على قطاعات الاقتصاد الأخرى، التي باتت تعاني من نقص شديد في الإمدادات والعمالة، يترافق كل ذلك مع مشاكل يومية داخل البنية السياسية والعسكرية، مشاكل لا يمكن إلا أن تنفجر إن ظلت تتطور بالمستوى الحالي. فتأخير إنهاء الحرب، يتحول تدريجاً إلى مقتل بالنسبة للولايات المتحدة والكيان، ويتحول تدريجياً إلى خطر يهدد مشعلي الحرب أنفسهم، ليجدوا أنفسهم في مستنقع كان يُعدُ للآخرين!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1184
آخر تعديل على الإثنين, 05 آب/أغسطس 2024 12:41