قضايا الشرق ... الدولة الفلسطينية لا يمكن منعها بالأمنيات!
لطالما ظهر الكيان الصهيوني أنه يسبح خارج التاريخ، وتحديداً مع اتضاح أن ميزان القوى لم يعد يميل إلى جهته وجهة داعميه، بل العكس تماماً، لكن استيعاب هذه الحقيقة يظل أسهل بكثير من الخضوع لها، فهناك الكثير من المؤشرات التي تقول: إن الكثير من الصهاينة يدركون ما يجري حولهم بالفعل، ولكنهم يسعون لإعاقته وتأخيره.
في الجلسة المنعقدة في 17 تموز الجاري، تبنّت الهيئة العامة للكنيست، مشروع قرار يؤكد رفض إقامة دولة فلسطينية، وجاء في نص القرار أن: «إقامة دولة فلسطينية في قلب أرض [إسرائيل] بمثابة خطر وجودي على [دولة إسرائيل] ومواطنيها».
ويحاول القرار توضيح الموقف من قيام الدولة الفلسطينية، وكيف يبدو اعتراف كهذا بمثابة مكافأة للفلسطينيين على 7 أكتوبر، ويعتبر أن الحديث عن قيام هذه الدولة يندرج تحت بند «الإملاءات الدولية بشأن التسوية الدائمة مع الفلسطينيين» في الوقت الذي يصر الكيان أنه لن يعترف إلا بمخرجات مفاوضات فلسطينية «إسرائيلية» أي بذلك المسار الذي لا يمكن أن يصل إلى أي نتيجة ضمن الظرف الحالي.
ما يلفت الانتباه في كل ما سبق، أن درجة الإنكار داخل الكيان إنما تعكس في الوقت نفسه، قلقاً حقيقياً من فكرة قيام الدولة الفلسطينية، وترى فيها خطراً وجودياً، مع أن نظرة بعض المتشائمين إلى الواقع الفلسطيني تؤكد أن قيام دولة مستقلة ذات سيادة مسألة بعيدة، أو حتى من الخيال! وعلى هذا الأساس يتبنون برامج مهادنة بسقوف متدنية.
لفهم كلمة السر حول قيام الدولة، ينبغي أن نقر بأن نتنياهو والكنيست ليسوا أصحاب القرار في هذه المسألة، وكذلك الأمر بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، بغض النظر عن الرئيس القادم وقناعات إدارته! فقيام الدولة الفلسطينية قضية سياسية تخضع كغيرها للظروف وتوازنات القوى، ولا يمكن تحقيقها أو إعاقتها بالأمنيات.
الاعترافات المتزايدة بالدولة الفلسطينية تعكس مزاجاً على المستوى العالمي لم يكن موجوداً بهذا الزخم قبل بضعة سنوات، الاعترافات هذه وإلى جانب كونها تنسجم مع الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن، كانت نتيجة طبيعية للتغيرات الجارية في العالم، وستؤدي دوراً في تغيرات قادمة، القرارات الدولية بهذا الشأن قديمة قدم القضية نفسها! لكنها لم تكن مؤثرة بهذا الشكل، وجرائم الاحتلال لم تختلف هذه المرة عن جرائم سابقة، لكن رياح التغيير تقلب كل شيء، وتفسح الطريق أمام الفعل! فما نعلمه يقيناً أن طوفان الأقصى في لحظة انطلاقه كان دفعة كبرى لمشروع الدولة الفلسطينية المستقلة، ذات السيادة، ولهذا بالتحديد تحوّل إلى جرس إنذار لا يتوقف داخل الكيان.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1184