قضايا الشرق ... خبرٌ قادمٌ من المستقبل!

قضايا الشرق ... خبرٌ قادمٌ من المستقبل!

انتشر في الأيام القليلة الماضية خبرٌ تداولتهُ وسائل إعلامٍ عربية وأجنبية على نطاق واسع، يقول: «إن الاتفاقية التي قام على أساسها نظام البترودولار أصبحت منتهية الصلاحية»، وإن «السعودية تسعى لإنهاء حصرية الدولار الأمريكي في معاملاتها النفطية»، هذا العنوان الخطير، سرعان ما تم سحبه من بعض المواقع، وشكك خبراء في صحته.

الخبر يفتقر بلا شك إلى الدقة، إذ لم ينسب إلى أي مصدر رسمي سعودي أو أمريكي، ما كان كافياً لإهماله من قبل البعض، بيد أنه ربما يكون سابقٌ لأوانه ليس إلّا! فبالفعل هنالك مقدمات عدّة لما يمكن أن تؤول إليه الأمور.

في نهاية 2023 خلصت دراسة أجراها مجلس الذهب العالمي إلى أن «24% من البنوك المركزية تعتزم زيادة احتياطياتها من الذهب خلال العام المقبل»، هذا التوجه يشهد توسعاّ يفوق غالباً توقعات المجلس، ويعني: أن توقعات العديد من الدول متشائمة حول مستقبل الدولار.
لكن إذا عدنا لمثال السعودية تحديداً، تأخذ القصة معنىً إضافياً، فالمملكة قررت منذ سنوات زيادة احتياطياتها من الذهب، وتعتزم مضاعفة إنتاجها من الذهب إلى مليون أونصة بحلول 2030، كل هذه الأرقام ترتبط عادة بسلوك تتخذه الدول لدعم عملتها في وجه تقلبات قادمة، وتقليل آثار اضطرابات الأسواق على اقتصادها، وهي خطوات أساسية تحتاجها السعودية إذا ما أرادت الابتعاد عن الدولار. وبالفعل، بدأت الرياض تبحث عن صفقات تجارية بعيداً عن الدولار، ووقعت اتفاقات قاربت ما يعادل 7 مليارات دولار مع الصين على أن تتم بالعملات المحلية للبلدين في العام الماضي.

توجّه كهذا يلقى دعماً وتشجيعاً من دول البريكس، التي تعتبر إجراءات كهذه أساساً لفك ارتباطات اقتصاداتها بالدولار الأمريكي، وضرورة لتقليل آثار أي صفعات يمكن أن توجّه له مستقبلاً، وهو ما يفسر أن دول بريكس تحتل مراكز متقّدمة من حيث الإقبال على زيادة الاحتياطيات الذهبية.

صفقات النفط العالمية تعتبر غطاءً مهماً للدولار، وأي صفقة تتم بعيداً عنه تنعكس سلباً على الولايات المتحدة وقدرتها على الحركة، مع العلم أن «بريكس» تتحكم بجزء كبير من سوق إنتاج واستهلاك الطاقة، وهناك توجّه ضمن المجموعة للتخلي عن الدولار بأسرع وقت ممكن، وبعد أن انضمت السعودية إلى المجموعة رسمياً باتت جزءاً من العملية الجارية، لا شك أن تعقيدات كبيرة تحكم مسألة كهذه، لكن سير قوة إقليمية، مثل: السعودية في هذا الاتجاه، إن حصل فعلاً، يعني تحريرها من قيود تعيق حركتها وسياستها الخارجية، ويسمح لها بتأدية دور مختلف جذرياً على مستوى الإقليم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1179