قضايا الشرق ... دولة فلسطين ترعبهم حقّاً!

قضايا الشرق ... دولة فلسطين ترعبهم حقّاً!

 

لم يكن مستهجناً في منطقتنا ظهور أصواتٍ رافضة لفكرة قيام دولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، متذرّعين أن قبول أمرٍ كهذا يعدُّ «تنازلاً وتفريطاً في القضية»، وإنْ كُنّا لسنا في صدد إعادة سرد السياق التاريخي والسياسي لتطور المسألة، وتحديداً حول «حل الدولتين» نجد نفسنا أمام مسألة أخرى: لماذا رفض الغرب قيام هذه الدولة؟

ترتبط فكرة التقسيم بأذهان البعض بالمشروع الصهيوني، متناسين أن هذا المشروع لم يكن يطمح للتقسيم يوماً، بل كان هدفه التاريخي احتلال الأرض كُلّها وطرد سكّانها منها، ومن المسائل المثيرة للانتباه حقاً، أنَّ الدول الغربية الأساسية ظلّت حتى اللحظة رافضةً لفكرة الاعتراف بدولة فلسطين على أساس قرار مجلس الأمن 242.
إذ تعترف الآن حوالي 144 دولة من بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والبالغ عددها 193 بدولة بدولة فلسطين، تشمل كلَّ دول الجنوب الأساسية، وفي مقابل هذا الإجماع على هذا الاعتراف هناك رفضٌ من قبل الكتلة الغربية الأساسية، وتحديداً في الولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا وفرنسا وكندا وغيرهم.
على هذا الأساس يبدو موضوع الاعتراف بفلسطين، ما عدا بعض الاستثناءات البسيطة، مثالاً واضحاً على خطوط الانقسام في العالم اليوم، وجبّهة من جبهات الاشتباك العالمي. ورغم أن محالات تفسير ظاهرة كهذه من زاوية «الحق» أو «العدل» تبدو منطقية في نظر البعض، إلا أنّها تبسّطُ الصورة السياسية.
«إسرائيل» كانت أحدُ أعمدة المشروع الغربي في هذه المنطقة الاستراتيجية، بل يمكننا القول: إنّها كانت حجر الأساس في المشروع الاستعماري الغربي منذ تراجع جيوش إبراهيم باشا في سورية بضغطٍ من الأوروبيين، وتحوّلت بعدها هذه «الفكرة» إلى واقع في القرن 20. وبعد الحرب العالمية الثانية، ظلّت واشنطن حريصة على فرض «إسرائيل» على كلّ من يريد تقديم صكوك الطاعة للأمريكان.
من هذه الزاوية تحديداً يمكن فهم حدود الانقسام العالمي على مسألة الاعتراف، فعملية بناء عالمٍ أكثر عدلاً تشترط حتماً تفكيك كلِّ أدوات المشروع المقابل والمشروع الصهيوني ضمناً.
في داخل الكيان، ترفض القوى المؤثرة اليوم فكرة قيام الدولة الفلسطينية، وترى في هذا المشروع «تهديداً للأمن القومي» وفي الوقت الذي يبدو خطاب بعض القوى الأخرى «معتدلاً» يظهر أنّهم في الواقع يريدون إعلان «موقفٍ مؤيد» بغية المماطلة وعرقلة قيام الدولة، ورهن هذه المسألة بمفاوضات غير منتهية تجري بين «الإسرائيليين» والفلسطينيين أو يقصدون قيام دولة منقوصة الأركان لا تتمتع بالسيادة.
الصهاينة يعتبرون أن اعتراف العالم بفلسطين لا يعني على الإطلاق قيام الدولة، فهذا الأخير يرتبط حصراً بالنسبة لهم بموافقة «إسرائيل» على ذلك، لكنّهم يتجاهلون أن قيام دولة فلسطين خاضعٌ بلا شك لتوازن القوى عالمياً، واليوم تخسر الصهيونية ويتقدّم خصومها، وهذا أكبر ضمانة لقيام دولة فلسطين.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1176