الكونغو الديموقراطية ... محاولات أمريكية واضحة للتوتير
أعلن جيش الكونغو الديمقراطية يوم الأحد 19 أيار إحباط محاولة انقلاب واستيلاء على السلطة بالقوة، وألقى القبض على المتآمرين حيث قال المتحدث باسم الجيش الكونغولي، الجنرال سيلفان إيكينجي، في مؤتمر صحفي: إن قوات الدفاع والأمن أحبطت محاولة انقلاب في مهدها، مضيفاً أن هذه المحاولة شارك فيها أجانب وكونغوليون، وقد تم تحييدهم جميعاً بمن فيهم زعيمهم.
الكونغو ثاني أكبر دولة أفريقية بعد الجزائر، وتحتوي على أكبر غابة مطرية في القارة، وتعتبر رئة العالم الثانية بعد غابات الأمازون، وإلى جانب الزراعة، تصدّر المعادن النادرة، وتعد أكبر منتج للكوبالت في العالم وثاني أكبر منتج للألماس، وثالث أكبر منتج للنحاس بـ 2.5 مليون طن، بالإضافة إلى قدرات عالية في توليد الطاقة الكهرومائية من الأنهار الكثيرة، والتي يمكن أن تلبي احتياجات القارة إذا ما تم استثمارها فعلاً رغم أنّها لا تلبي سوى حاجة 15% من السكان حالياً!
من الواضح، أن حالة الكونغو الديمقراطية كحال معظم دول أفريقيا فهي غنية بالثروات المتنوعة التي دفعت القوى الاستعمارية للسيطرة عليها بشكلٍ مباشر أو غير مباشر، ما سبب حالة عدم الاستقرار بسبب الانقلابات المتكررة والحروب الأهلية القائمة على تغذية الصراعات الإثنية والدينية والقبلية، في داخل الكونغو أو مع دور الجوار، مثل: حالة الحرب شبه الدائمة مع رواندا.
تفاصيل محاولة الانقلاب
تعرض مقر إقامة نائب رئيس الوزراء فيتال كاميرهي في جمهورية الكونغو الديمقراطية لهجوم مسلح ليلة 18 أيار بقيادة كريستيان مالانغا، أسفر عن مقتل اثنين من حراسه. ثم تطوّر الأمر لاحقاً إذ اتجّه المسلحون نحو القصر الرئاسي، واحتلوا مؤقتاً المكتب الرئاسي في «قصر الأمة». ورفع الإنقلابيون علم زائير، معلنين «نهاية جمهورية الكونغو الديموقراطية»، وهو ما أكده مالانغا في بث مباشر على فيسبوك.
لكن سرعان ما تم القضاء على كريستيان مالانغا وعدد من المجموعة المسلحة بالإضافة لاعتقال ابنه وعدد من عملاء وكالة المخابرات المركزية الأمريكية.
من هو كريستان مالانغا
كريستيان مالانغا، هو ضابط عسكري سابق من جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومقيم في الولايات المتحدة مع عائلته، يترأس حزب الكونغو المتحد (PCU)، وهو حزب أسسه بعد مشاركته في الانتخابات البرلمانية عام 2011. وأعلن مالانغا من بروكسل في 17 أيار 2017 عن إنشاء «حكومة زائير الجديدة» في المنفى.
رغم نفي الولايات المتحدة الأمريكية تورطها بمحاولة الانقلاب أو دعمها لمالانغا، إلا أن وجود عملاء للمخابرات الأمريكية وتحرك مالانغا نفسه من الولايات المتحدة وعودته إلى الكونغو لا يمكن أن تتم دون علم ودعم من الإدارة الأمريكية، رغم أن البعض يدعم الرواية الأمريكية بحجة أن الانقلاب لم يجهز جيداً، ولم يكن بمستوى التنظيم الكافي. بمعنى أن الولايات المتحدة الأمريكية لو رغبت في دعم انقلاب لكان انقلاباً ناجحاً»! متجاهلين بذلك مجموعة كبيرة من المتغيرات العالمية، إذ أن الولايات المتحدة لم تعد «الآمر الناهي» في العالم وفي أفريقيا تحديداً، التي تشهد حركة متسارعة من الانفكاك عن الغرب عبر توطيد علاقاتها مع القوى الصاعدة وهو ما شهدناه في النيجر ومالي وبوركينا فاسو.
فشل الانقلاب بشكل سريع لا يبرئ الأمريكان الذين يسعون بوضوح لإثارة النزاعات وتغذيتها، خاصة تلك التوترات الجاهزة للانفجار، وخصوصاً مع رواندا، المتهمة رسمياً بالتورط بالأحداث الأخيرة.
قد يكون الهدف الأمريكي بعيداً عن الإطاحة بالسلطة الحالية، وتنصيب سلطة جديدة موالية تماماً للغرب، فخطوة كهذه يمكن أن تزيد من التوتر في الإقليم، ما يمكن أن يفجّر المنطقة بأكملها، وهو المطلوب أمريكياً أيضاً.
تتعرض الثروة الباطنية في الكونغو إلى سرقة موصوفة من قبل الغرب، حيث وجهت الحكومة اتهاماً لشركة آبل باستخدام معادن تستخرج بطريقة غير قانونية شرقي البلاد، حيث تدور صراعات عنيفة للسيطرة على المناجم، كان آخرها هجوم في مطلع شهر أيار من قبل حركة «إم 23» المدعومة من راوندا، وبنتيجة هذا الهجوم تمت السيطرة على مدينة روبايا الغنية بمناجم معدن الكولتان الاستراتيجي لصناعة الإلكترونيات.
وفي مثالٍ آخر، تمتلك شركة الملياردير الصهيوني دان جيرتلر أكبر منجمين للألماس في الكونغو. ينتمي جيرتلر إلى عائلة تستخرج الألماس من أفريقيا، وكان تورّط تاريخياً في دعم عدة فصائل مسلحة لحماية استثماراته ومناجمه، وتأجيج وتعقيد الصراعات بشكل دائم للتغطية على الأنشطة غير القانونية لشركته.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1176