صيغة 3+3 في طهران: خطوة إلى الأمام نحو استقرار القوقاز
ملاذ سعد ملاذ سعد

صيغة 3+3 في طهران: خطوة إلى الأمام نحو استقرار القوقاز

تمثل منطقة القوقاز وتحديداً جنوبها بدولها الثلاث– جورجيا وأذربيجان وأرمينيا- هدفاً قديماً لمشاريع الفوضى الأمريكية الهادفة لتوتير الأجواء بمحيط روسيا وصولاً إلى داخلها، ومنها: ما جرى بأزمة قره باغ خلال الأعوام الماضية، لتتبنى هذه الدول، والدول المجاورة لها، صيغة سُميت 3+3 من أجل حل المشاكل الإقليمية داخلياً دون تدخل خارجي، وعقدت ثاني اجتماع لها في 23 تشرين الأول.

تشكّلت صيغة 3+3 بمبادرة أطلقها الرئيس التركي أواخر عام 2021 بهدف رئيسي يتعلق بحل المشاكل الإقليمية لمنطقة جنوب القوقاز ذاتياً، ومن الدول المعنية دون أي تدخل خارجي وغربي خصوصاً، وتضم الصيغة بالإضافة إلى دول جنوب القوقاز دولاً مجاورة، وهي روسيا وإيران وتركيا.
عقدت صيغة 3+3 أول اجتماع لها على مستوى مساعدي وزراء خارجية البلدان– باستثناء جورجيا إثر خلافاتها مع روسيا– في عام 2022 وحددت خلاله سياسات الصيغة عموماً، وأهدافها، لتعقد مؤخراً اجتماعها الثاني بمستوى تمثيل أعلى بحضور وزراء الخارجية بغياب تمثيل جورجي للمرة الثانية.
كان وما يزال الموضوع الأبرز بجدول أعمال الصيغة، هو الخلافات الأذربيجانية- الأرمنية، وبينما كان هدفه قبل عامين حل أزمة قره باغ وتسوية النزاع لتداعياته الأمنية، إلا أن التطورات الأخيرة فيه وسيطرة القوات والسلطات الأذربيجانية عليه، أنهت ملف النزاع نفسه، وانتقل الحديث إلى تسوية وتطبيع العلاقات بين باكو ويريفان، وتوقيع اتفاق سلام، وهو ما جرى بحثه في الاجتماع الأخير.
إضافة إلى ذلك، أكدت الدول الأعضاء بالصيغة في البيان الختامي للاجتماع، والمؤلف من 9 بنود، على ضرورة «التسوية السلمية للنزاعات على أساس ميثاق الأمم المتحدة، واحترام السيادة، والاستقلال السياسي، وسلامة الأراضي»، و«الترحيب بالاتجاهات الحالية للتطبيع وتطوير العلاقات بين كافة دول المنطقة»، ورغم غياب جورجيا لمرتين، إلا أن المجتمعين أكدوا «من جديد على انفتاح هذا الاجتماع على المشاركة المتساوية لجورجيا فيه» وأخيراً، أعلن أن الاجتماع المقبل سيعقد في تركيا، وسيتم التنسيق لموعده لاحقاً.
إن عقد صيغة 3+3 على مستوى وزراء الخارجية، يعني دفع أهدافها وعملها بشكل أكثر جدّية بين الدول، ويؤدي هذا الأمر لعدة نتائج إيجابية، الأولى: هو حل المشاكل ذاتياً دون أية تدخلات خارجية، بما يؤمن ثانياً حالة استقرار أعلى استراتيجياً، ويفضي بالمحصلة ثالثاً إلى تأريض المساعي الغربية والأمريكية بتوتير المنطقة وإشعالها بالضد من مصالح هذه الدول، والمستهدفين عبرها بالدرجة الأولى إيران وروسيا.
كما تشكل هذه الصيغة باجتماعاتها مؤشراً عملياً آخر على التغيرات السياسية الدولية وتطوراتها الجارية بمواجهة الهيمنة الغربية، وحل المشاكل الإقليمية والمحلية ذاتياً، فهذا النموذج بات أكثر تكراراً في الآونة الأخيرة، إذ أصبحت حركة الدول أكثر استقلالية، وقادرة على إيجاد الصيغ والتفاهمات فيما بينها، أملاً في إيجاد حل للمشاكل المتراكمة خلال عقودٍ مضت، ويمكن للصيغة أن تتحول إلى نموذج مشابه لمجموعة أستانا، التي تجمع تركيا وروسيا وإيران، أو مجموعة دول جوار أفغانستان. المثير للانتباه أيضاً في هذه الصيغة، أنها تأتي كرد ملموس على كل المحاولات الغربية، التي تستهدف ضرب العلاقات بين تركيا وإيران وروسيا، عبر تفعيل كل التناقضات في محيط هذه الدول، أملاً في دفعها للمواجهة والصدام. ووجود وزراء الخارجية الثلاثة لنقاش مسائل مرتبطة بجنوب القوقاز أيضاً، يعني أن الإرادة السياسية لتجاوز هذه الخلافات حاضرة، ولا يمكن تهميشها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1147