ملف التواجد الأمريكي في العراق يتحرك مجدداً
تحرّك ملف الوجود العسكري الأمريكي في العراق والمنطقة مرةً أخرى خلال الأسبوع الماضي، بعد مرحلة من الهدوء فيه، وذلك بعد انسحاب القوات الدانماركية، وزيارة الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد إلى طهران ولقائه نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي.
انخفضت خلال الأشهر الأخيرة عمليات المقاومة العسكرية الشعبية العراقية ضد قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في البلاد، بعدما كانت تجري بشكل شبه يومي، سواء باستهداف أرتال النقل اللوجستية، أو القواعد العسكرية، أو المنطقة الخضراء التي تحوي ممثلين وبعثات دبلوماسية غربية.
يبدو أن هذا الانخفاض يرجع بالدرجة الأولى لمصلحة الحفاظ على الاستقرار السياسي والأمني قدر الإمكان بعد الانتخابات العراقية الأخيرة، وبعدما وصلت الأمور لشفا الاقتتال الأهلي بين أنصار مختلف القوى السياسية المتصارعة، وهو بالدرجة الثانية تأريض للمساعي الأمريكية بإعادة التوتر والاقتتال المسلح في البلاد والمنطقة ككل.
وإن كانت حالة التوازن المؤقتة الجارية في العراق أدت إلى غياب الحديث عن تواجد القوات الأمريكية فيها خلال الفترة القريبة السابقة، درءاً للأسباب المذكورة سابقاً، إلا أن استمرار هذا الوجود، واستمرار هذا النفوذ الأمريكي، يهدد بنسف الاستقرار الجاري نحو توتر أعلى مستقبلاً، خاصة وأن مشاكل البلاد الأساسية، الاقتصادية، التي تحتاج لتغييرات سياسية حقيقية وجذرية، لم تُحل وما تزال تتراكم.
مستقبل الوجود الأمريكي
ومن جهة ثانية، يؤثر استمرار هذا الوجود على المنطقة ككل، على علاقات دولها ببعضها البعض، وأهمها بالنسبة للعراق: إيران، ليطرح الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي مسألة التواجد الأمريكي خلال الاجتماع المذكور سابقاً، والذي جرى يوم السبت، مؤكداً رفض بلاده للوجود الأمريكي في المنطقة، مؤكداً أن «الاتفاقية الأمنية بين البلدين جارية، وأن أمن العراق من أمننا، والعكس صحيح»، وخلال لقاء الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد مع المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، شدد الأخير على أن «وجوداً حتى لأمريكي واحد في العراق يعتبر كثيراً» مشيراً لرشيد، أن «الأمريكيين لا صداقة لهم مع أحد، وهم ليسوا أوفياء حتى لأصدقائهم الأوروبيين».
ويذكر أن الدنمارك قد أعلنت يوم الأحد الماضي، 23 نيسان، ببيان من وزارة دفاعها عن سحب جميع قواتها العسكرية من العراق «قررت القيادة العسكرية الانسحاب والعودة إلى الدنمارك، ويرجع ذلك إلى أن عدد الإرهابيين من داعش قد انخفض لدرجة أنه لا توجد حاجة ماسة لمساهمتنا، وكذلك لأننا بحاجة إلى قواتنا في بلدنا».
قد يؤدي انسحاب القوات الدانماركية، وحديث الجانب الإيراني الأخير، إلى تحريك مسألة التواجد الأمريكي في العراق داخل البلاد، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة عودة الاستهدافات العسكرية لها، فما لا يقل أهمية عن الضغط العسكري، هو الجانب السياسي للمسألة، وتحديداً محاولة الضغط والفرض على الحكومة العراقية لتنفيذ القرار البرلماني الصادر مطلع 2020 والذي يؤكد على خروج كافة القوات الأجنبية من البلاد، دون ذكر توصيف محدد لها من مثل «قوات استشارية» أو «تدريبية» أو غيرها من مسميات شكلت التفافاً على القرار.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1120