هل يتحول اغتيال شنزو آبي إلى حدث مفصلي في تاريخ اليابان؟
عتاب منصور عتاب منصور

هل يتحول اغتيال شنزو آبي إلى حدث مفصلي في تاريخ اليابان؟

تزداد في عالم اليوم- الذي يشهد تقلبات عاصفة- تلك الأحداث ذات الطبيعة «الاستثنائية» والتي تعبّر عن حجم التغيرات الجارية واشتداد حدة التناقضات، ومن هذه الزاوية تحديداً تبدو حادثة اغتيال رئيس الوزراء السابق والسياسي الياباني البارز شنزو آبي بوصفها حدثاً استثنائياً جديداً له تأثيرات إقليمية.

في صباح يوم الجمعة في 8 تموز الجاري، وفي أثناء مشاركة آبي بإحدى فعاليات الحملة الانتخابية للحزب الديمقراطي الليبرالي لتجديد نصف مقاعد مجلس الشيوخ، أطلق عسكري سابق في البحرية اليابانية المعروفة باسم «قوّة الدفاع الذاتي» رصاصات قاتلة على رئيس الوزراء السابق، ليجري اعتقاله فوراً وتحويله للتحقيق، وبدأت الأخبار بالفعل بنشر بعض اعترافات القاتل.

بعيداً عن التفاصيل الثانوية

لا تزال التحليلات المتداولة حول المسألة قليلة إلى درجة ملفتة، بل وتظهر نزعة لتحميل القاتل المسؤولية الجنائية والسياسية، كما لو أنه هو من أوحى لنفسه وخطط ونفذ عملية الاغتيال هذه، التي استخدم فيها سلاحاً مصنع يدوياً. ويبدو أن هذه الرواية تلقى قبولاً مؤقتاً، لكن النظر إلى الدور الذي لعبة شنزو آبي والذي يعتبر رئيس الوزراء صاحب أطول فترة حكم في تاريخ اليابان الحديث، يفرض علينا مقاربة أخرى لما يجري. فآبي كان ثاني رئيس وزراء تقدمه عائلته العريقة بعد جده نوبوسوكي كيشي، وعرف عن الاثنين أنهما عملا بشكلٍ حثيث لتغيير المعادلة التي فُرضت على اليابان بعد الحرب العالمية الثانية. فقد عمل رئيس الوزراء السابق على توسيع نشاط اليابان على الساحة السياسية العالمية، ودعم في الوقت نفسه المسعى الهادف إلى إعادة بناء الجيش، ورفع القيود المفروضة عليه، في حالة مشابهة لوضع ألمانيا ما بعد الحرب العالمية الثانية.
شكّل التيار السياسي الذي عبّر عنه آبي سمة أساسية لليابان في السنوات السابقة، والتي اتسمت بنزعة استقلالية أكثر دون شك، ولكنها وفي الوقت نفسه شكّلت ركيزة أمريكية في منطقة آسيا، فمحاولات آبي المتكررة لتحرير الجيش من القيود المفروضة عليه جرى تفسيرها بأنها تخدم المصالح الأمريكية التي باتت ترى ضرورة وجود قوة عسكرية نوعية في اليابان، قادرة على ممارسة ضغط أكبر على الصين وروسيا، وخصوصاً بسبب العلاقات المعقدة بين هذه الأطراف.
آبي، لم يكن بعيداً عن الساحة السياسية حتى بعد تقديم استقالته من رئاسة الوزراء، بل يعد واحداً من أكثر الشخصيات نفوذاً في اليابان، وداخل الحزب القومي اليميني الذي ينتمي له، أو الأوساط الحكومية الأخرى، وبالتالي، سيترتب على هذا الاغتيال السياسي إعادة ترتيب واسعة للقوى السياسية على الساحة اليابانية، والتي ستجري ضمن درجة مرتفعة من التجاذب الدولي، مما سيحول لحظة الاغتيال هذه إلى حدث مفصلي في مستقبل العملية الانتخابية- التي بدأت بالفعل- ومستقبل البلاد السياسي ككل، لا بل سيكون لها تأثير على عدد من الملفات الخارجية الساخنة، تحديداً الوجود الأمريكي في آسيا، وعلاقات اليابان مع الصين وروسيا.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1078
آخر تعديل على الإثنين, 11 تموز/يوليو 2022 13:59