سلطة أوسلو تهوي وأصوات الانتفاضة تعلو
تتعاظم أزمة الكيان الصهيوني يوماً تلو آخر، ومعه كل أدواته وشركاه المعلنين وغير المعلنين من المطبعين سواء على مستوى دول أو قوى سياسية، ولعل أكثر هذه الأدوات تضرراً في الوقت الراهن هي سلطة أوسلو للتنسيق الأمني، وبالمقابل، تتزايد حالات التمرد الفلسطيني بشكل متفرق مكانياً وزمانياً وسط مؤشرات وتوقعات بنشوب انتفاضة فلسطينية جديدة في العام الجاري في الضفة والقطاع والقدس المحتلة.
إثر هذه التطورات والتوقعات، يسعى الكيان الصهيوني لتثبيت وتعزيز سلطة الحكومة الفلسطينية الحالية برئاسة محمود عباس، وضمن هذا التوجه اجتمع رئيس السلطة الفلسطينية ليلة الأربعاء 28 كانون الأول مع وزير الحرب «الإسرائيلي» بيني غانتس في منزله، بزيارة هي الأولى له للأراضي المحتلة منذ 10 سنوات، ووصف اللقاء بـ «التاريخي».
ردود الفعل حول لقاء عباس- غانتس
لاقت هذه الزيارة ردود فعل عديدة في الأوساط الفلسطينية و«الإسرائيلية» وجاءت بلحظة توترات بين الفلسطينيين والمستوطنين الصهاينة في القدس المحتلة، وتصعيد تجاه قطاع غزة.
ناقش كلاً منهما الأوضاع الراهنة واستفزازات المستوطنين، وأكدا استمرار عمل التنسيق الأمني، إلّا أن أهم نقطة بالاجتماع قد كان التطرق لـ «الحل السياسي» للقضية الفلسطينية، والتي تتماهى مع مسار «اتفاقات ابراهام» التطبيعية وتعززها على حساب مصلحة الفلسطينيين.
لكن لم تكن زيارة عباس، أو ما قام به، أو حتى التهويل الإعلامي بوصفها «لقاء تاريخي»، بالأمر الغريب، حيث يعكس هذا اللقاء- وكل ما دار حوله- حاجة سلطة أوسلو لدعم من الداخل الصهيوني نفسه، وسط تزايد الانتقادات لها والاحتجاجات عليها من قبل جميع الفلسطينيين.
وقد علقت حركة المقاومة الإسلامية «حماس» على اللقاء وصرحت: «استنكرت حركة المقاومة الإسلامية «حماس» اللقاء الذي تمّ بين رئيس السلطة محمود عباس، وبين وزير الحرب الصهيوني بيني غانتس، الذي يأتي في ذكرى العدوان الذي تعرّض له شعبنا الفلسطيني في قطاع غزّة عام 2008»، وتابعت إن «هذا اللقاء «الحميمي» وتبادل الهدايا الذي تم بين زمرة التنسيق الأمني وبين جيش العدو، يكشف مجدداً الانحدار الكبير الذي وصلت إليه هذه السلطة ورئاستها».
الفرز الضروري
ببنما اعتبرها البعض خطوة سلبية تدفع لمزيد من الانقسام بين القوى الفلسطينية، يراها آخرون أنها تحمل طابعاً إيجابياّ بتعميق وتسريع الفرز بين القوى المهادنة والخانعة، والقوى المقاومة والجذرية، ولعل أحد المؤشرات على ذلك، هو ما جرى من تباين بالمواقف بين قواعد حركة «فتح» وقيادتها السياسية فيما يخص الاعتداء على نجل الأسير زكريا الزبيدي أحد أبطال «نفق الحرية » الشاب محمد الزبيدي، من قبل مجموعة من القوات الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، وقيام مجموعة مع المقاومين من كتائب «شهداء الأقصى» التابعين لحركة فتح باستعراض عسكري بالأسلحة الرشاشة في مخيم الأمعري، وإصدارهم لبيان يتوعدون فيه كيان العدو بانتقام بحالة تعرض الأسير ناصر أو حميد لأي مكروه في سجون الاحتلال.
انتصار الأسير أبو هواش
تمكن الأسير الفلسطيني هشام أبو هواش يوم الثلاثاء الماضي من انتزاع حريته بعدما أضرب عن الطعام لمدة 141 يوماً فارضاً بذلك على القوى الفلسطينية والدولية والشعوب بالتضامن معه، والضغط على الكيان الصهيوني، حيث سيفرج عنه رسمياً في الـ 26 من شهر شباط القادم.
ليضيف تحرير أبو هواش نقطة جديدة لصالح المقاومين الفلسطينيين على حساب هزائم الكيان الصهيوني المتكررة بشكل متسارع تشير إلى تدهور وزنه وقدراته الأمنية والعسكرية.
توترات متفرقة
يصف الفلسطينيون ما يجري في كل من القدس المحتلة والضفة الغربية وقطاع غزة بـ «الغليان» إثر ما تقوم به السلطة الفلسطينية بوصفها أداة قمع بخدمة العدو الصهيوني، وما يقوم به المقاومون الفلسطينيون من عمليات فدائية سواء الفُرادى منهم، أو التحول الجديد نحو عمليات جماعية أكبر وأكثر دقة باستهدافاتها ونجاحاتها.
وزادت قوات الجيش «الإسرائيلي» من قمعها خلال الأسابيع الأخيرة، حيث اعتقلت القوات الصهيونية ليلة رأس السنة شابين من بلدة سلوان بعد اندلاع مواجهات عنيفة فيها، كما اعتقلت 25 فلسطينياً من بلدة حزما، وإصابة 3 فلسطينيين بالرصاص الحي في مخيم قلنديا شمال القدس المحتلة، وإصابة شاب آخر في اليعسوبية شرقي المدينة بالرصاص المطاطي المحشو بالمعدن، وفي حي الشيخ جراح اعتقل الجنود الصهاينة الطفل أحمد الرشق.
وكان من أواخر عمليات الكيان اعتقال 6 فلسطينيين بجنوب مدينة نابلس يوم الخميس الماضي، وقتل شاب آخر في مخيم بلاطة بشرق المدينة، بعد اندلاع مواجهات بينهم وبين الفلسطينيين.
وفي القدس المحتلة قام مستوطنون باقتحام البلدة القديمة في المدينة، ونظموا مسيرة استفزازية بحماية قوات العدو لتندلع مواجهات على إثرها بين الشبان الفلسطينيين والعسكريين الصهاينة، لتشير كل هذه العمليات إلى وجود تخوفات متزايدة لدى الكيان.
تحولات بقدرات ردع المقاومة الفلسطينية
شن الطيران الحربي «الإسرائيلي» في الأول من الشهر الجاري غارات على قطاع غزة رداً على إطلاق صاروخين سقطا قبالة شواطئ تل أبيب، لتستخدم حركة المقاومة الإسلامية «حماس» صواريخ من نوع سام-7 ومضادات ثقيلة لردع الطيران الصهيوني، حيث تعرضت إحدى طائراته المروحية لأضرار إثر إطلاق النار بتأكيد من المتحدث باسم جيش العدو.
السلطة قاب قوسين أو أدنى من الانهيار؟
يستمر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بجولاته الإقليمية التي من آخرها لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، من أجل حشد دعم وتعزيز لسلطة الحكومة، بمباركة الكيان الصهيوني وخدمةً له، إلّا أن الإشارة السابقة بمخالفة قواعد حركة «فتح» الواضحة لسياسات قياداتها، فضلاً عن حركات التمرد والعمليات الفدائية المتكررة، تؤكد بشكل أكبر ميل كفة الميزان، وبشكل متسارع نحو إسقاط «أوسلو» ومعها اتفاقات التنسيق الأمني برمتها في فلسطين، وهو الأمر المشابه لما يجري في كل الدول المطبعة القديمة والجديدة منها بمخالفتها لإرادة شعوبها، ومضي الأخيرة نحو تغييرها، وحل القضية الفلسطينية بشكل عادل لأصحاب الحق وحدهم.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1052