ما الخلافات الفرنسية- البريطانية وإلى أين تمضي؟
حمزة طحان حمزة طحان

ما الخلافات الفرنسية- البريطانية وإلى أين تمضي؟

بدأ توتر العلاقات الفرنسية- البريطانية مع اتفاقية الغواصات بين أمريكا وبريطانيا وأستراليا «أوكوس»، والتي جاءت على حساب اتفاقية فرنسية سابقة، لتتطور لاحقاً إلى خلافات حول صيد السمك بين البلدين، وصولاً الآن إلى عنوان جديد هو: المهاجرون.

الخلافات الشكلية

بدأ الفصل الجديد مع نشر حكومة لندن رسالة من رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، منتقداً بها كيفية تعامل باريس مع تدفق المهاجرين عبر أراضيها إلى المملكة المتحدة، وداعياً بها فرنسا لإعادة استقبال من نجحوا في عبور بحر المانش ودخلوا بريطانيا.
ليقوم الجانب الفرنسي بالرد عبر تصعيد مشابه بالخطاب الإعلامي، حيث قال ماكرون: إن تصريحات بريطانيا «تفتقر إلى اللياقة الرسمية، وغير لائقة المحتوى»، ثم أعلن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان إلغاء محادثات كان من المقرر أن تجري يوم الأحد السابق في مدينة كاليه مع نظيرته البريطانية بريتي باتيل، لحل أزمة المهاجرين احتجاجاً على رسالة جونسون، وقالت السفير الفرنسية السابقة في بريطانيا سيلفي بيرمان: إن العلاقات بين البلدين «لم تكن بهذا السوء منذ واترلو».
في المقابل، دعا وزير النقل البريطاني غرانت شابس، بأن تعيد فرنسا النظر بإلغاء دعوتها، معتبراً أنه «لا يمكن لأية دولة أن تعالج هكذا مسألة بمفردها».
ثم عاود جونسون بإرسال رسالة أخرى موجهة إلى ماكرون، اقترح فيها عدة خطوات لمحاربة الهجرة غير الشرعية عبر المانش، وتضمنت تسيير دوريات مشتركة، واستخدام تكنولوجيات متقدمة لرصد التحركات، وتعزيز التعاون بين الأجهزة المعنية في البلدين، وتنظيم المراقبة من الجو.
ليأتيه الرد مرة ثانية من رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس بالرفض، قائلاً: «لا يمكننا أن نقبل، على سبيل المثال، قيام شرطة أو جنود بريطانيين بدوريات في سواحلنا. فهذا ينتقص من سيادتنا».

الجانب العميق

قد يبدو في الظاهر أن عناوين الخلافات ما بين باريس ولندن بسيطة ولا تعني الكثير، إلا أنها بالعمق منها تعكس حالة التنافس الشديد بينهما مع تراجع الولايات المتحدة الأمريكية عالمياً وأوروبياً، حيث تسعى كل منهما إلى ملء الفراغات الأمريكية عبر فرض نفسيهما سواء في الفضاء الأوروبي نفسه أو خارجه، بالجوانب السياسية والعسكرية، بينما تقف خلف كل منهما الولايات المتحدة لتذكي نار الخلافات وتحرضها لإضعاف كلّ منهما.
ما يجري الآن بين الدولتين الأوروبيتين يمثل مهزلة إعادة التاريخ لنفسه بالمقارنة مع فترة الاستعمارات الفرنسية والبريطانية القديمة: من خلافات استعمارية عالمية، إلى خلافات صيد سمك ومروراً بالمهاجرين بين عجوزين.
على أية حال، لن تهدأ هذه الخلافات وستمضي نحو تصاعد، بينما ستحاول ألمانيا بوصفها القوة الاقتصادية الأوروبية الأولى التي تكمن مصلحتها بضمان وتثبيت حالة الاستقرار في المنطقة على تهدئة الخلافات، ولعب دور الوسيط بين البلدين، خلافاً لواشنطن.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1047
آخر تعديل على الإثنين, 06 كانون1/ديسمبر 2021 14:08