الأوروبيون يريدون الاستقلال عن الولايات المتحدة
ملاذ سعد ملاذ سعد

الأوروبيون يريدون الاستقلال عن الولايات المتحدة

عُقد اجتماع لوزراء دفاع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي يوم الخميس في مدينة كراني في سلوفينيا، بعد الأحداث والتطورات الأخيرة التي جرت في عاصمة أفغانستان كابول، وخلص إلى رغبتهم بتأسيس «قوة رد عسكرية سريعة» خاصة بهم.

خلال الاجتماع قال وزير دفاع سلوفينيا، ماتي تونين: «إن أزمة أفغانستان أظهرت أن أوروبا لا تمتلك إمكانيات عسكرية كافية»، واتفق المشاركون بضرورة «التقدم على طريق إقامة دفاع أوروبي مشترك وتحقيق استقلاليته»، وقالت وزيرة الدفاع الألمانية، آنغريت كرامب، بأن «الأوروبيين لم تكن لديهم القدرة على معارضة قرار الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، لأنهم لا يملكون القدرة لفعل ذلك بأنفسهم» مشيرة إلى أن كيفية استخدام القدرات العسكرية الأوروبية للدفاع عن مستقبل أوروبا «يبقى تحدياً محورياً».

موضوعة مكررة

هذه لم تكن المرة الأولى التي يجري فيها الاتحاد الأوروبي مناقشات حول تشكيل قوة عسكرية خاصة به، فقد دعت ألمانيا في وقت سابق إلى مثل هذا الأمر بتشكيل «جيش أوروبي»، وهذا لوحده يؤكد على أن رغبة الأوروبيين بالتفرّد بقرارهم ونشاطهم العسكري عن الناتو والولايات المتحدة الأمريكية لا يرتبط بالحدث الأخير المتعلق بالانسحاب العسكري من أفغانستان، بل إن هذا الأخير جاء ليعطي دفعةً إضافية بهذا الاتجاه، ومن المتوقع أن تكثر هذه الدعوات مستقبلاً في أوروبا.
بالمختصر، فإن سعي الأوروبيين لمثل هذه الخطوة يرتبط بعدة عوامل، أولها: ما عبّر عنه بشكل صريح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب خلال فترة رئاسته بحماية الولايات المتحدة لأوروبا وابتزازها للدول الأوروبية مالياً. ثانياً: تصاعد التوترات والاستفزازات العسكرية بين الولايات المتحدة والناتو بوجه روسيا. وثالثاً: الأزمات الاقتصادية والسياسية المتصاعدة داخل الاتحاد الأوروبي، وفي حلف الشمال الأطلسي نفسه تحديداً، مما يشكل تحدياً أمام الاتحاد الأوروبي يدفعه لإيجاد بدائل «مستقلة» عنه.
وقد قال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بعد اجتماع سلوفينيا «لقد أظهرت أفغانستان أنّ هناك ثمناً لأوجه القصور على صعيد استقلالنا الإستراتيجي، والسبيل الوحيد للمضي قدماً، هو توحيد قواتنا وتعزيز ليس فقط قدرتنا، ولكن أيضاً إرادتنا للتحرك».

هل من إمكانية لذلك؟

مع ازدياد تفاعل الأزمات والاستقطاب الدولي والتراجع الأمريكي عامةً، ستتزايد معها الدعوات الأوروبية لإنشاء قوة عسكرية مشتركة ومستقلة، إلا أنّ هذا الأمر نفسه يقع تحت رهن وفرضية أن الدول الأوروبية نفسها ستبقى محلياً مستقرة، وإقليمياً متوافقة، وهما الأمران اللذان لم يكونا كذلك خلال السنوات القريبة السابقة، ومنها: الخلافات مع المملكة المتحدة مثلاً وخروجها من الاتحاد، والتوترات حول ألمانيا إثر السيل الشمالي-2، والاحتجاجات الشعبية محلياً التي شملت فرنسا وألمانيا وأوقفتها «مؤقتاً» أزمة الجائحة الفيروسية، والإغلاقات والقيود التي وضعت على أساسها وغيرها، مما لا يضع إمكانية تشكيل هكذا قوة موضع شك أساساً، وإنما كامل وجود وعمل مؤسسة الاتحاد الأوروبي نفسها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1034
آخر تعديل على الأربعاء, 08 أيلول/سبتمبر 2021 23:46