واشنطن… ماذا لو؟
عتاب منصور عتاب منصور

واشنطن… ماذا لو؟

وقّع نائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان آل سعود اتفاقية للتعاون العسكري مع نظيره الروسي ألكسندر فومين، وتنص الاتفاقية- التي جرى التوقيع عليها خلال المنتدى العسكري التقني الدولي «آرميا 2021» في أواخر شهر آب الماضي- على تطوير مجالات التعاون العسكري المشترك بين البلدين. وعلى الرغم من أن الاتفاقية لا تعتبر انتقال السعوديةً نهائياً إلى موقع مختلف على الساحة الدولية إلا أنها تنذر بحدوث ذلك قريباً.

يحاول البعض التقليل من أهمية هذه المعاهدة مستنداً إلى أن ما تحاول السعودية القيام به ما هو إلا تنويع ضروري لمصادر التسليح، كما لو أن هذا الأمر بحد ذاته لا يعتبر مؤشراً على تغييرات قادمة في السياسة الخارجية السعودية، باتت ملامحها الأولى ترتسم فعلاً، ويقف البعض الآخر منتظرين لرد الفعل الأمريكي على هذا الحدث، فإلى جانب كون السعودية كانت دائماً حليفة واشنطن المخلصة في المنطقة، تشكّل صادرات السلاح الأمريكي إلى السعودية 25% من مجمل الصادرات العسكرية الأمريكية إلى الخارج، وهو ما يشكّل ضربة قاسية لواشنطن حتى بالمعنى الاقتصادي.
في ردّ فعلها الأول على الحدث، حذّرت وزارة الخارجية الأمريكية حلفاء واشنطن من عقد صفقات مع روسيا، وجاء في بيان الخارجية: «نستمر بدعوة جميع شركائنا وحلفائنا لتجنب الصفقات الكبرى مع القطاع الدفاعي الروسي» وهددت بشكل واضح من أنها ستلجأ للقانون الخاص بفرض العقوبات على الحلفاء الذين لا يمتثلون لرغبة واشنطن هذه!

ماذا لو؟

يستمتع بعض المفكرين في لعبة الاحتمالات القائمة على السؤال «ماذا لو...» أي أن تضع فرضية ما تعتمد على تحقق احتمال على أرض الواقع ليبنون لاحقاً سلسلة من الأحداث التي قد تتلو هذا التحقق. وفي الحقيقة تبدو هذه اللعبة ممتعة كثيراً عندما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية الأمريكية، التي باتت تتلقى ضربات متتالية تفرض على الإدارة الأمريكية التعامل مع احتمالات متعددة تشترك جميعها بأنها لا تتوافق مع المصلحة الأمريكية. ففي هذه الحالة، ماذا لو فرضت واشنطن عقوبات على الرياض؟ للإجابة عن هذا السؤال علينا قراءة الحالة التركية المشابهة، والتي انتهت بدفع تركيا بعيداً عن واشنطن أكثر فأكثر، أي أن العقوبات التي فرضتها واشنطن على أنقرة بعد توقيع اتفاقية «S-400» لم تغير من قرار أنقرة، التي استشعرت أن مصالح واشنطن لا تأخذ بعين الاعتبار مصالح حلفائها السابقين، وأولئك الذين اعتمدت عليهم في السابق!
وإذا وضعنا احتمالاً آخر، ماذا لو لم تفرض واشنطن عقوبات على الرياض بعد توقيع الاتفاقية المذكورة؟ سيكون ذلك بمثابة إشارة قبول أو رضوخ أمريكي أمام التغييرات الجارية في العالم، وبالتالي إرسال إشارات إلى كل الحلفاء الذين ينتظرون انتعاش واشنطن بألا ينتظروا، وبأن يبحثوا عن مخارج فردية لمشكلاتهم بعيداً عن واشنطن.
الاحتمالات لا تنتهي، والأيام تضع أمامنا تحديات جديدة كل يوم الخيارات باتت تتضاءل ولم يعد هناك الكثير من الوقت للتفكير وحسم الأمور العالقة، هذا ما تدركه مجموعة كبيرة من الدول التي كانت تطوف في فلك الولايات المتحدة، والتي تسّرع بدورها عملية الانفكاك هذه، بمجرد أن تبدأ بالإعلان عن خططها البديلة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1034
آخر تعديل على الأربعاء, 08 أيلول/سبتمبر 2021 23:45