لا يوجد حل؟!

لا يوجد حل؟!

يتردد في الآونة الأخيرة، على لسان نخب سياسية وثقافية سورية، موالية ومعارضة، صراحةً أو مواربة، بأن لا حل للأزمة، مما يعني عملياً: الدعوة إلى التكيّف مع الوضع الراهن، ومن يدقق في المنتوج الثقافي– الدعائي لهم، سيجد بأن هؤلاء أنفسهم أو من على شاكلتهم، هم من وعدونا يوماً بأن «المؤامرة فشلت» و «انتصرنا» وما إلى ذلك من مقولات، والنصف الآخر من المزبلة كان قد وعدنا بأن «النظام سيسقط خلال أيام» و«الثورة» انتصرت.

وأمام الفشل الذريع لشعارات هذا وذاك، بات الشغل الشاغل لهذه الجوقة بمختلف خنادقها ومستنقعاتها اجترار عبارة «لا يوجد حل» وما على السوريين إلا «الصبر والصمود»، أو التباكي على «الثورة المغدورة»، ولوك الحديث عن خذلان «الحلفاء»، وعليه، يجب ترك الأمور للتقادير، إلى أن «يقضي الله أمراً كان مفعولاً» وما عليكم أيها السوريون سوى أن تموتوا قصفاً أو كمداً، أو قلقاً، أو خوفاً، أو جوعاً، أو غربةً.....
أولاً: التاريخ لا يطرح على البشرية إلا تلك الأسئلة التي لها إجابات، والتحديات والمشكلات التي لها حلول، وعليه، لا توجد ظاهرة أو مشكلة أو قضية، أو أزمة دون حل، فقط يلزمها من يمتلك الأداة المعرفية التي تكشف طريق الحل، ويمتلك إرادة الصراع، وأدوات التغيير المناسبة… وسورية زاخرة بهؤلاء، وما خَفَتَ صوتهم إلا بسبب تشرذمهم، وعربدة السلاح، وتخادم لصوص الطرفين في ممارسة إرهاب إعلامي– دعائي، أو أمني مباشر، كلما سعى أحد من هؤلاء إلى الحل، وعملوا من أجله.
ثانياً: ربما يكون الموقف مفهوماً، عندما يردده الإنسان العادي المثقل بتبعات الأزمة، والذي فقد ثقته بالكل، أما أن يأتي ذلك على لسان نخب سياسية وإعلامية، فهو تعبير عن عجز، ودلالة على عدم القدرة على الإبداع، وبالتالي، انعكاس لبلادة معرفية، هذا إذا لم يكن مقصوداً، وتبريراً خدمة مباشرة للصوص طرفي الصراع المسلح...
أحد أخطر أعداء سورية والسوريين، بعد لصوص السلطة، ولصوص الائتلاف، هو ذاك النموذج «المثقف» الذي برر سلوك أحد الطرفين منذ اليوم الأول، وعمل في سوق الارتزاق الثقافي، دون أن نبرئ حتى الجهلة الذين يجترون مواقف الطرفين من حيث لا يدرون.
أما التثاقف والبلاغة، وخطاب التوصيف، واتهام الآخر، والمؤتمرات الخرائية، والبكائيات..
فلم تعد تساوي ساعة انتظار مواطن سوري في طوابير الخبز، ولا دقيقة انتظار لمن يغامر بعبور بحر إيجة، أو غابات اليونان، ولا لحظة قلق أم معتقل أو مختطف..

معلومات إضافية

العدد رقم:
1033
آخر تعديل على الإثنين, 30 آب/أغسطس 2021 23:47