من قاتلت واشنطن في أفغانستان؟

من قاتلت واشنطن في أفغانستان؟

تكاد الأخبار والمقالات التحليلية حول أفغانستان تملأ الصحف وتحتل العناوين الرئيسية لوكالات الأنباء العالمية، فالحدث يطرح أسئلة دون انقطاع حتى اللحظة، ويبني كل طرف جملة من الروايات والقراءات لمستقبل أفغانستان والمنطقة الحيوية المحيطة فيها. مما لا شك فيه، أننا نشهد حدثاً تاريخياً مفصلياً يرى البعض أنه بداية لعصر مظلم جديد ويرى البعض الآخر أنه طاقة أملٍ واسعة لمستقبل جديد.

لابد لنا من الاعتراف، أنّ سيطرة حركة طالبان على الحكم في أفغانستان لا يمكن أن تكون أكبر مشاكل أفغانستان- على الرغم من المخاطر الكبرى التي تحيط بالبلاد والشبهات التاريخية في أصول طالبان، وتحديداً بعلاقتها مع الغرب والولايات المتحدة الأمريكية- إلا أنها واحدة من مشاكل أفغانستان اليوم هي محاولة واشنطن تشويه التاريخ مما سيعيق تطور الأحداث لاحقاً.

من حاربت واشنطن في أفغانستان؟

تحاول واشنطن تثبيت كذبتها الأبرز، عندما تكرر أن حربها كانت مع حركة طالبان الإرهابية، ليبدو كما لو أن أفغانستان بلدٌ بلا شعب! صحراء فيها حركة إرهابية متطرفة بالإضافة إلى أولئك الأفغان الجيدين الذين وقفوا إلى جانب واشنطن عندما احتلت ودمرت بلدهم! كررت واشنطن هذه الكذبة في كل حروبها، وعلى هذا جرى تقسيم الشعب العراقي على أساس فلولٍ لنظام صدام حسين السابق، ومؤيدين للغزو الأمريكي.
حرب واشنطن في أفغانستان استهدفت الشعب الأفغاني أولاً، واستنزفت بلاده وحولتها إلى مزرعة كبيرة لزراعة الأفيون، وحرمتهم من حقهم في إدارة شؤون بلادهم والتعامل مع مشاكلهم الداخلية لإيجاد نموذجهم الوطني الخاص. وحاولت زجهم في تلك الثنائية الوهمية ذاتها، فإما أن تركعوا لطائرتنا التي تقصفكم أو تصبحون جزءاً من طالبان الإرهابية.
غيرت حرب العقدين الكثير في البلاد المقهورة، وربما تكون قد غيرت في طالبان نفسها، فالحركة التي يمولها الغرب والولايات المتحدة، باتت تضم في صفوفها جزءاً عريضاً من الشارع الأفغاني الذي تقارب معها لكونها تقاتل في الظاهر محتلاً أجنبياً، بالإضافة إلى أن الدول المحيطة بأفغانستان كانت مضطرةً دائماً إلى الدخول بمفاوضات مع حركة طالبان، وقد نجحت في بعض المرات «بتقليم أظافرها» لتصبح الحركة اليوم واجهة لحركات شعبية أفغانية لم تبد ملامحها بعد، ولذلك يمكننا فهم ما تراهن عليه القوى المتضررة من الفوضى في أفغانستان كروسيا والصين، التي باتت تدرك أن إنجاز مناورة واسعة مع حركة طالبان- التي ستكون مضطرة للتعامل مع كل القوى المحلية في أفغانستان، وكل القوى الإقليمية- ستكون كفيلةً في تغيير طبيعتها وإعادة فرزها بين أولئك الإرهابيين المدعومين غربياً لنشر الفوضى، والقوى السياسية الأفغانية صاحبة المشروع الوطني.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1032
آخر تعديل على الإثنين, 23 آب/أغسطس 2021 23:06