الانتخابات الرئاسية في بيرو.. يسار دُر
ملاذ سعد ملاذ سعد

الانتخابات الرئاسية في بيرو.. يسار دُر

تشهد الانتخابات الرئاسية في بيرو بأمريكا اللاتينية استقطاباً شعبياً شديداً وغير مسبوق حول المرشحين لرئاسة البلاد، وهما اليساري بيدرو كاليستو عن حزب «بيرو الحرة» الماركسي- اللينيني كما يعرف عن نفسه، واليمينية كيكو فوجيموري ابنة الرئيس السابق ألبرتو فوجيموري المسجون بتهم فساد وجرائم ضد الإنسانية لمدة 25 عاماً.

تشير البيانات الأخيرة إلى أن كاستيلو حصل على 50,2% بمقابل 49,7 لفوجيموري بفارق 60 ألف صوت فقط بعد فرز 99,7% من الأصوات، وقد اعتبر العديد بأن هذه النتيجة تؤكد فوز كاستيلو وقد بدأت بعض القوى السياسية والدول بتهنئته على ذلك ومنها بوليفيا والأرجنتين.
إلا أن كاستيلو لم يعلن نفسه فائزاً بعد، وسط تجاذبات حادّة مع منافسته كيكو، حيث زعمت الأخيرة بوجود احتيال في عملية الانتخابات داعية إلى التحقق من 200 ألف صوت وإعادة فرز 300 آخرين، وسط تأكيد اللجنة المشرفة والمراقبين الدوليين على نزاهة الانتخابات الجارية.
وقد أدت هذه المزاعم إلى دفع الاستقطاب أكثر، حيث بدأت التهديدات بالنزول وتحشيد البيروفيين في الشوارع إذا ما تم الإخلال بنتائج الانتخابات حتى الآن، وسط تحشيد من اليمين يجري بالفعل في شوارع العاصمة ليما مناهضين للطروحات الاشتراكية والشيوعية واليسارية عموماً.
ودعا كاستيلو في برنامجه الانتخابي مع ترشحه إلى صياغة دستور بلاد جديد عوضاً عن المعمول به منذ عام 1993 بفترة الديكتاتورية برئاسة فوجيموري الأب، وتعهد بتأميم شركات التعدين الكبرى بحال رفضت مبدأ إعادة التفاوض على العقود المحابية لمصلحة أرباح المالكين بطريقة مجحفة وغيرها من الإجراءات ذات الطابع اليساري، رافعاً لحملته شعار الحزب نفسه «لا فقراء في بلد غني».
بينما تدافع فوجيموري عن النظام القائم بدءاً من دستور البلاد، مطلقة الوعود التقليدية والمكررة ذاتها بتوفير فرص العمل وإنعاش الاقتصاد الراكد وغيره إلا أنها هي نفسها تحظى بحصتها من تهم الفساد وغسيل الأموال وقد سجنت لمدة 18 شهراً في 2019، ويجري تداول أنباء عن قرب موعد استدعائها للمحاكمة مجدداً إلا أن الانتخابات الجارية تتسبب في تأجيل ذلك، وبحال- في السيناريو الأقل حظاً– تمكنت من تحقيق إعادة فرز الأصوات وربحت الانتخابات سيجري تأجيل المحاكمة طوال فترة رئاستها.
ما يجري تناسيه، خلف التقارب الشديد بالنتائج الجارية حتى الآن، هو أن فوجيموري تعتبر من العوائل الأكثر ثراءً، وبقف خلفها جميع رساميل البلاد وداعميهم الغربيين بحملتها الانتخابية من جهة، وبمحاولة شيطنة منافسها اليساري وتشويهه من جهة أخرى بالشكلين الرسمي وغير الرسمي، فضلاً عن بنية النظام القائم الليبرالي بكل جذوره، أي: ومن غير الحاجة إلى الكثير من الاجتهاد، فإن الفارق الحقيقي للنسب، لولا هذين العاملين فقط على أقل تقدير، لكان أعلى بكثير لمصلحة كاليستو نفسه، وما يهم أكثر من ذلك هو أن هذا الفارق الحقيقي يجد تعبيره على الأرض مباشرة: بين شعبٍ منهوب وقلة ناهبة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1022
آخر تعديل على الأحد, 13 حزيران/يونيو 2021 23:19