التعاون الإيراني الفنزويلي وكسر الهيمنة!
ملاذ سعد ملاذ سعد

التعاون الإيراني الفنزويلي وكسر الهيمنة!

لم يعد من المستغرب السماع بأن أسطولاً من ناقلات النفط الإيرانية يتجه نحو فنزويلا، ولم يعد من المستغرب أيضاً عدم قيام الولايات المتحدة الأمريكية بأي فعلٍ ذي أثر حقيقي حيال ذلك، فالتحدّي الإيراني الفنزويلي لواشنطن أكبر من قدرة الأخيرة حتى على المناورة.

التعاون الإيراني الفنزويلي

إذا ما كان الحديث يدور عند أول شحنة نفط إيراني إلى فنزويلا عن تحدّي الدولتين لواشنطن، وكسر هيمنتها عليهما، مع ما سبق ذلك من حرب ناقلات في منطقة الخليج العربي، فإنه اليوم بات يفرض تساؤلاً حول من قد ينضم إلى هذه الخطى في مواجهة واشنطن؟ 

جرت أول شحنة ناقلات نفطية في آذار من هذا العام، وتخللها تصعيد أمريكي كبير من تهديد ووعيد بعد إرسالهم لسفن حربية تتابع وتراقب الناقلات الإيرانية، بيد أنه وعلى مر أسبوع من عويل واشنطن، وصلت الناقلات الإيرانية الأربع تباعاً دون أية مشاكل تذكر، وليتلو ذلك على مر أشهر بضع شحناتٍ أخرى أقدمت خلالها واشنطن على الاستيلاء على إحدى السفن منها في تشرين الأول، حيث اتهمت إيران الولايات المتحدة في حينه بالتصرف مثل «قراصنة الكاريبي» بعد أن قالت واشنطن بأنها باعت شحنات نفط خام إيراني استولت عليها في الطريق إلى فنزويلا.

وصولاً إلى الخامس من الشهر الجاري، حيث أرسلت طهران أكبر أسطول من ناقلاتها النفطية بقوام 10 سفن إلى فنزويلا مما شكل تحدياً أكبر للعقوبات الأمريكية، والجدير بالذكر هذه المرة، بأن بعضاً من هذه الناقلات ستساعد بتصدير النفط الخام الفنزويلي بعد تفريغ حمولتها من الوقود.

في الإعلام الغربي

في مقابل الحاجة الفنزويلية للوقود بسبب الحصار الاقتصادي المفروض عليها من واشنطن، تأخذ طهران ذهباً من فنزويلا للسبب نفسه، إلا أن الإعلام الغربي وصداه العربي يتحفنا بعناوين من نوع «الذهب الأسود مقابل الأصفر» وتحتوي نصوصه إيحاءات تروج: أن إيران تستغل الحاجة الفنزويلية للاغتناء بالذهب، متناسين عمداً بأن هذه الصفقات تقوم على أساس تعاون ثنائي وتساوٍ بالمصالح، وفق حاجة كل من البلدين على ردّ وتأريض العقوبات والحصار الاقتصادي المفروض عليهما من مدير هذا الإعلام، الأمريكي نفسه.

دلالة تراجع

يجري التعاون بين إيران وفينزويلا على شكل المنفعة المشتركة، فناقلات إيران النفطية تفرغ حولتها وتملأ خزاناتها مجدداً بالخام الفينزويلي، وجرى الإعلان مؤخراً عن استئناف الصين شراء النفط من فينزويلا رغم العقوبات الأمريكية، بعد أن توقفت الشحنات لمدة عامين. وأشارت البيانات الرسمية إلى وجود شحنات بين البلدين تمت إحداها في شهر آب الماضي وآخرى في الشهر الجاري. وعلى الرغم من أن عودة نشاط تصدير الخام من فينزويلا سيشكل إنفراجاً اقتصادياً للبلد الذي يعتمد اقتصاده على تصدير النفط بشكل كبير، إلا أن لما يجري معنى سياسياً عميقاً. فالخطوة التي بدأتها إيران جاءت في موعد شديد الحساسية بالنسبة لواشنطن، فإيران بهذه الخطوة اخترقت ما يسمى «حديقة واشنطن الخلفية»، وتحدّت الولايات المتحدة في لحظة كان من الصعب على هذه الأخيرة أن ترد، مما ألقى الضوء على حجم واشنطن الحقيقي، فقيام الولايات المتحدة بتجاهل هذه الشحنات، أو فشلها في إيقاف هذا التعاون، يعني شيئاً واحداً فقط! واشنطن عاجزة. أي: إن هذه الشحنات سواء كانت إيران طرفاً فيها أو لم تكن، تعني أن العقوبات التي تفرضها واشنطن لن تستطيع التحكم بالاقتصاد العالمي كما كانت، والأهم من ذلك، التذكير بأن هذه العقوبات كانت في الفترة الماضية سلاح واشنطن الأخير في معركة الحفاظ على الهيمنة. لا يعني هذا أن هذا السلاح لم يعد نافعاً، فهو فعّال في بعض الحالات، لكنه آخذٌ في التراجع. أخبار الشحنات هذه ستزداد حتى تصبح خبراً عادياً، أي: حتى تصبح الدول قادرة على إجراء صفقات تجارية فيما بينها، حتى وإن لم تكن واشنطن راضية عن سياسيات هذه الدول. 

معلومات إضافية

العدد رقم:
997