الانتخابات «الإسرائيلية» ووهم الديمقراطية
جرى تداول الانتخابات «الإسرائيلية» مؤخراً بوصفها حدثاً جللاً خاصة بعد ربطه عبر وسائل الإعلام بمسألة «ضمّ الجولان» و«صفقة القرن».
الحالة «الإسرائيلية» من حيث الدعاية «الديمقراطية» داخلها تشابه تماماً الحالة الأمريكية... فمن يرى الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة بوصفهما تيارين سياسيَيْن مستقلين مختلفين ومتعارضين شكلاً ومضموناً و«يسار» و«يمين»، سوف يعتقد بأن «الليكود» الإسرائيلي مختلف عن «أزرق أبيض».
في كلتا الأرضين، إن النخبة الحاكمة والمتنفّذة تسمح بمقدار «صفر ديمقراطية» بالمعنى الشامل للكلمة، وجُلّ ما يحدث من تغييرات بالجانب السياسي فيها لا يأتي إلّا من تغيّرات موازين القوى الاقتصادية داخلها في حالة الانقسام، تلك القوى الاقتصادية التي ليس للشعوب منها أيّة فائدة تُذكر إلّا إذا اشتدّ انقسامها، لتبقى الحالة «الديمقراطية» والأحزاب السياسية المعنية بها مسألة إعلامية غايتها «القمع» عبر إيهام الشعوب بها.
في الحالة «الإسرائيلية» فإن أيّة حكومة موجودة ومن أيّ حزب يدّعونه، سيجري تقديمه بما يتوافق مع أجندة المصالح الإمبريالية التي يحددها المركز الأمريكي بشكل أساسي في اللحظة المعنية، وفي هذا السياق فإن أيّة حكومة ستكون «قلقة» في موقعها هذا لعدم وجود أية سيطرة شعبية أو تمثيل شعبيّ فيها.
يمتدّ هذا الوهم من الداخل الإسرائيلي إلى خارجه، عندما يجري ربط مسألة «ضمّ الجولان» وغيرها من الإعلانات بالانتخابات، فبالمعنى الموضوعي والعضوي للمسألة ما من علاقة تربط فيما بين إعلان ترامب هذا وفوز «نتنياهو»، فالرابح هناك مُحدد مسبقاً. إلّا أنّ توقيت الإعلان هو المسألة الوحيدة التي يمكن اعتبارها مؤثرة، لكن ليس بإطار الدعم كما يروّج، وإنما بإطار وضع «حوامل شكلية» تُبِّرر النتيجة المعروفة مسبقاً، أي: تزامن الحاجة الأمريكية لهذه الخطوة مع فترة الانتخابات «الإسرائيلية».
إن الكيان الصهيوني، وحكومة «إسرائيل» المُعبرة عنه وعن ترابطه الوثيق بالمركز الأمريكي لم يكن باستطاعته تقديم أية مساحة «ديمقراطية» مهما قلّ مقدارها بفترات ذروته في العقود الماضية، فكيف الآن بفترات تراجعه وأزمته ومسألة زواله القريب؟ بل على العكس، تتزايد الضرورة موضوعياً لديه باشتداد القبضة الاقتصادية والسياسية ومركزة القرار.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 909