الصين تحرر أمريكا الوسطى من قبضة واشنطن

الصين تحرر أمريكا الوسطى من قبضة واشنطن

اعتادت واشنطن على التعامل مع أمريكا اللاتينية باعتبارها الحديقة الخلفية لها، وعلى بسط نفوذها عليها، وإشاعة الفوضى الاقتصادية والسياسية، في المقابل ينمو اليوم النموذج الصيني القائم على التعاون المتبادل ويتمدد، وهو ما يقلق واشنطن.

هذا ما دفع وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، في زيارته إلى أمريكا الوسطى، الأسبوع الماضي، لانتقاد ما سماه نفوذ الصين المتصاعد هناك، من خلال التشكيك في النوايا وراء نشاطها الاستثماري، في هذا السياق كتب، أندري كوربيكو، مقالاً حول قلق واشنطن المتنامي من هذا الأمر.
تعاون اقتصادي وسياسي
يقول كوربيكو أن واشنطن تشعر بالقلق من أن أمريكا الوسطى تخرج عن نطاق سيطرتها، بعد أن قطعت السلفادور علاقاتها مع تايوان في شهر آب الماضي، واعترفت ببكين كحكومة شرعية في الصين مقابل الحصول على الدعم الاقتصادي. من وجهة نظر الولايات المتحدة، من الواضح أن تأثير الصين الاقتصادي المتصاعد له عواقب سياسية قد تظهر قريباً في العديد من دول المنطقة، الأمر الذي قد يؤدي إلى فقدان الولايات المتحدة لسيطرتها أحادية القطب هناك. حتى أن رئيس هندوراس، خوان أورلاندو هيرنانديز، ألمح إلى ما أسماه «الفرصة» التي قد يتيحها الدور المتنامي للصين في المنطقة، على الرغم من أنه ظل هو نفسه في السلطة حتى الآن بعد فوزه في الانتخابات المتنازع عليها في أواخر العام الماضي، والتي حظيت بتأييدٍ مثيرٍ للجدل من قبل الولايات المتحدة.
ابتزاز واشنطن المالي
يُعزز الدور الصيني
يهدد ترامب اليوم بتقليص المساعدات التي تقدمها حكومته لثلاث دول تشكل «المثلث الشمالي»، وهي هندوراس وغواتيمالا والسلفادور، كجزءٍ من مما يسمى «التحالف من أجل الرخاء» بعد أن فشلت حكومات هذه الدول في منع الآلاف من مواطنيهم من المشاركة في موكب الهجرة نحو الولايات المتحدة. الأمر الذي يشكل الفرصة الملائمة للصين للتدخل اقتصادياً في دعم هذه الدول، مما يمنح بكين في المقابل السيطرة غير المباشرة على أمن حدود الولايات المتحدة، ويجعلها مسؤولة عن الاستقرار في تلك البلدان بعد استبدال المساعدات الأمريكية هناك.
من المعروف أن الأسباب التي تدفع المهاجرين لمغادرة هذه الدول، هي: الفقر والبطالة الفساد وارتفاع معدلات الجريمة، وتقدم المساعدات الأمريكية ضمن ما يسمى «التحالف من أجل الرخاء» بحجة معالجة هذه الأسباب، لكن الحقيقة، أن سياسات واشنطن في هذه المنطقة سياسياً واقتصادياً كانت العامل الأساس في نشوء هذه الظروف. لذلك قد تكون الصين هي المرجحة لمعالجة هذه القضايا من خلال برامجها واستثماراتها.
هذا السيناريو يُزعج الولايات المتحدة، وتخشى أيضاً من تعزيز النفوذ الصيني في المكسيك بعد أن يتولى الرئيس المنتخب اليساري «أميلو» منصبه في بداية كانون الأول القادم، مما يمثل تحدياً غير مسبوقٍ للهيمنة الأمريكية في هذه المنطقة بأكملها. تجد الولايات المتحدة نفسها عاجزةً اليوم، وتدرك أن ردّ فعلها وهجومها سيجعل من الوضع أكثر سوءاً لها، لذا ليس من الواضح ما الذي يمكن لأمريكا فعله، أو إن كان بمقدورها فعل شيء للحفاظ على هيمنتها هناك.