آسيا وأوروبا: التناقض مع الأحادية القطبية
جرت في يومي 18 و19 من شهر تشرين الجاري في العاصمة البلجيكية بروكسل، القمة الدورية لدول مجموع «أسيم ASEM»، والتي تضم معظم الدول الآسيوية والأوربية، وتقام مرة كل سنتين.
ضمت القمة الحالية 51 دولة مشاركة متمثلة إما برئيس الجمهورية أو رئيس وزرائها، وصدر عنها بيان ختامي يغلب عليه الطابع السياسي، فيما جرت أعداد كبيرة من اللقاءات البينية الثنائية والثلاثية بين قادة الدول المشاركة، لمعالجة بعض القضايا المشتركة، وتوقيع اتفاقيات ثنائية ذات صلة.
لمحة تاريخية
تشكلت مجموعة «أسيم «ASEM، وهي اختصار لعبارة «The Asia- Europe Meeting»، عام 1996، لتضم في بادئ الأمر بعض الدول الأوروبية، وأهمها: المملكة المتحدة إلى جانب الاتحاد الأوروبي كمؤسسة، وعدة دول آسيوية أهمها: الصين وكوريا الجنوبية واليابان.
بدأ المنتدى المذكور بالتوسع في مطلع الألفية الحالية، ليضم مجموعة «آسيان» كمؤسسة، بالإضافة إلى الباكستان والهند ومنغوليا في عام 2008، مع انضمام روسيا سنة 2010، ومن ثم انضمام النرويج وسويسرا مع عدد كبير من الدول ذات الوزن الأقل، لتضم بالمحصلة الدول الأوروبية والآسيوية كافة، باستثناء المجموعة العربية وتركيا وإيران وكوريا الشمالية والجمهوريات السوفيتية السابقة باستثناء روسيا وكازخستان وبعض الدول في البلقان. لتشكل المجموعة بالمحصلة وزناً سياسياً واقتصادياً مهماً على الساحة الدولية، إذ يشكل الأعضاء 60% من سكان العالم، و65% من الاقتصاد العالمي، و55% من التجارة العالمية.
البيان الختامي
نتج عن المنتدى المذكور في جلسته الأخيرة بيان ذو طابع سياسي يدلي بدلوه في أغلب القضايا العالمية الحساسة، وذلك نظراً لحجم وعدد الدول الأعضاء في هذا المنتدى، حيث أكد البيان على وجوب الالتزام بخطة العمل الدولية فيما يخص «البرنامج النووي الإيراني»، والذي يتضمن رفع العقوبات والمساهمة في إزالة نواتجها مع التأكيد على التزام إيران فيما يخص نسب ودرجة تخصيب العناصر المشعة.
كما تضمن البيان بنداً يتعلق بالملف الكوري، حيث أكد على وجوب خُلوّ الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية، والتي من شأنها دفع البشرية إلى حافة الهاوية، مع تقديم ضمانات بعدم تعرض كوريا الشمالية لهجمات عسكرية من أية جهة كانت في سبيل تخليها عن أسلحتها النووية.
بناءً على ما ذُكر يمكن التأكيد على النقطتين التاليتين:
أولاً: بدء تبلور توجه أوروبي آسيوي مشترك فيما يخص القضايا العالمية العالقة، والمتمثل في دفع الأمور نحو المزيد من الحلحلة السياسية، وتجنب خيارات التصعيد السياسي والعسكري، التي يتبناها الجانب الأمريكي في الكثير من الملفات الدولية تهرباً من نتائج الانخفاض الحاد في وزنه، بالتالي درجة تحكمه في تلك القضايا.
ثانياً: إن انخفاض الوزن الأمريكي العام وصل إلى تلك الدرجة التي أصبح فيها من المستطاع بالنسبة لحلفائه الأوروبيين على الأقل النحو بتلك الاتجاهات التي لا تروق للجانب الأمريكي، بل وتتناقض معه في بعض القضايا والمسائل الحساسة.
وهنا يمكن القول بأنه مهما علا زعيق أبواق إعلام المال، ومهما كثرت فضائيات الـHD الناطقة بهذه اللغة أو تلك، وكثرت التقارير المصورة الاحترافية، فإنها لن تستطيع التغطية على التراجع الأمريكي العام، والذي عادةً ما يتم التغطية عليه بتلك التفاصيل التي لا تغني ولا يصدقها إلّا سياسيو نشرات الأخبار اليومية وسليلو «نهاية التاريخ».