إيران وأوروبا: أمريكا تتراجع أيضاً

إيران وأوروبا: أمريكا تتراجع أيضاً

كما في أفلام الأكشن الهوليوودية سيئة الإخراج، أصبحنا نتوقع نهاية «الأفلام الأمريكية» على الساحة الدولية. تهديد ووعيد وكأن طبول الحرب قد دقت، ومن ثم تراجع وجلوس على طاولة الحوار. كوريا، روسيا، أوروبا، ويبدو أن إيران قريباً ستضاف إلى القائمة...

تزامن إعلان ترامب استعداد واشنطن لما وصفه «صفقة حقيقية» حول برنامج إيران النووي، مع إعلانه الوصول إلى اتفاق مع الأوروبيين على خفض الرسوم الجمركية، ليصبح «ترامب يتراجع...» وسماً لمعظم العناوين في وسائل الإعلام العربية والغربية، معبراً بذلك عن التراجع الأمريكي بأبهى صوره، وكأمر واقع لا يمكن لأحد نكرانه.
عواقب وخيمة
أم صفقة حقيقية؟
«أم الحروب» هكذا وصف الرئيس الإيراني حسن روحاني الحرب مع بلاده، داعياً نظيره الأمريكي إلى تجنب «اللعب بالنار»، ولكن يبدو أن هذه الحرب لن تقوم. فقد أعلن ترامب استعداد واشنطن لما وصفه «صفقة حقيقية» حول برنامج إيران النووي، في كلمة ألقاها أثناء اللقاء مع المحاربين القدامى في الحروب في الخارج قائلاً: «سنرى ماذا سيحدث، لكننا مستعدون لعقد صفقة حقيقية، وليس مثل الصفقة التي عقدتها الإدارة السابقة، والتي كانت كارثية». تعليق الرئيس الأمريكي جاء بعد ساعات فقط على تغريدة له على تويتر ردّ فيها على تهديدات نظيره الإيراني، بالتهديد بعواقب وخيمة «لم يشهد مثيلها من قبل عبر التاريخ سوى قلة».
إن التحول من الحديث عن عواقب وخيمة إلى إمكانية إبرام صفقة حقيقية بهكذا سرعة، ما هو إلّا انعكاس حقيقي وواضح لانتهاء مرحلة استخدام الهيمنة العسكرية لفرض «القطب الواحد». واستكمالاً لما جرى ويجري في جميع الملفات المشتعلة حول العالم، والتي وضعت على مسار الحل السياسي، ووصلت إمكانات التصعيد العسكري فيها إلى طريق مسدود.
هل انتهت الحرب التجارية ؟
على جانب آخر وفيما يخص «الحرب التجارية» التي جرى الحديث عنها مؤخراً بين أوروبا والولايات المتحدة، بعد أن شرعت الأخيرة بفرض رسوم جمركية على مستوردات أوروبية، انعطفت هي الأخرى نحو مسار الحل.
حيث صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الأربعاء الماضي، وذلك بعد اجتماع له مع رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، بأنهما اتفقا على خفض الحواجز التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وقال ترامب للصحفيين: «اتفقنا على العمل نحو الوصول بالرسوم الجمركية والحواجز غير الرسوم الجمركية والدعم إلى الصفر في تجارة السلع الصناعية غير السيارات». وأضاف: «سنعمل أيضاً لتقليل الحواجز وزيادة التجارة في الخدمات والكيماويات والأدوية والمنتجات الطبية وكذلك فول الصويا».
هذه الاتفاق جاء أيضاً بعد تصريحات لترامب مؤخراً قال فيها: إن بلاده قادرة على الانتصار بسهولة في الحروب التجارية، معتبراً هذه الحروب «أمراً جيداً».
أي: أن التصعيدات والتهديدات الأمريكية لم يعد لها معنى طالما أن أمريكا ذاتها تتخلى عنها سريعاً، وطالما أن جميع الحقائق تقول: أن مرحلة «القطب الواحد» قد ولّت إلى غير رجعةٍ، لتصبح هذه التهديدات مجرد قنابل دخانية تغطي على التراجع والانسحاب الأمريكي.