فلسطين: قلق المحتل وانسحاب الأمريكي
تحاول الولايات المتحدة الأمريكية ودولة الكيان الصهيوني، تكثيف الضغوط على الفلسطينيين، وذلك من خلال إجراءات عدة تم اتخاذها مؤخراً، عقب إعلان ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان. في المقابل يستمر الفلسطينيون بالتصدي وبمواجهة هذا القرار بأشكال مختلفة، حيث لا تزال المواجهات مع قوات العدو مستمرة على عدة جبهات.
في خطوات عملية أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية تجميد 125 مليون دولار، من مساهمتها في ميزانية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «الأونروا»، بينما تم إقرار قانون حظر التفاوض على القدس في «الكنيست»، ويجري العمل على إقرار قانونين جديدين، فما الذي يدفع دولة الاحتلال وحليفها الأمريكي إلى هذه التحركات في هذه المرحلة؟
الكيان القلق
ينص القانون الذي أقره «الكنيست» على حظر التفاوض على القدس، أو التنازل عن أي أجزاء منها، أو تقسيمها، في أية تسوية مستقبلية مع الفلسطينيين، ويأتي هذا القانون في محاولة لتثبيت قرار ترامب، وهو ما عبر عنه رئيس «الكنيست»، يولي إدلشتاين، في قوله: «لقد حان الوقت لفرض السيادة، والآن كل شيء يعتمد علينا والخطوة الأولى لإعلان ترامب ستكون ضم مستوطنة معاليه أدوميم إلى القدس».
وفي السياق ذاته، صوت حزب «الليكود» الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بالأغلبية الساحقة لصالح مشروع قرار ضم كل المستوطنات في الضفة الغربية للكيان الصهيوني، بما يسمح بالبناء الحر وتطبيق قوانين الكيان وسيادته على مجمل المجال الاستيطاني في الضفة والقدس، وهو ما يعتبر الأول من نوعه بعد انسحاب دولة الاحتلال من قطاع غزة في 2005.
في المقابل وافق «الكنيست»، بالقراءة الأولية، على مشروع قانون يسمح بتطبيق عقوبة الإعدام بحق فلسطينيين، نفذوا عمليات ضد أهداف لدولة العدو، الأمر الذي حذر جهاز الأمن العام للكيان الصهيوني المعروف بـ«الشاباك» من تداعياته.
تشير تحركات العدو هذه، إلى قلق جدي ومحاولة لتثبيت أكبر قدر من القرارات التي تضمن تفوقه وسيطرته، في هذه المرحلة الانتقالية، التي تحمل معها تبدلاً جدياً في موازين القوى العالمي، لا يضمن مصلحة الكيان الصهيوني مستقبلاً، لذلك فإن هذا الكيان الذي يشهد التراجع الأمريكي، حليفه التاريخي وداعمه الأساس، واضحاً وجلياً، يدرك أن المستقبل سيحمل له مزيداً من العزلة والضعف.
وفي هذا السياق، لا يمكن قراءة هذه التحركات الأمريكية والصهيونية إلا في إطار كسب الوقت، وتثبيت المواقع قبل التراجع النهائي القادم، أمّا مصير القدس وأراضي الضفة، فهي قضية لا يمكن أن تقرّ إلا بإرادة الشعب الفلسطيني، وهو ما تم إعادة التأكيد عليه، من خلال مواجهات الفلسطينيين الأخيرة مع قوات العدو رفضاً لقرار ترامب.
واشنطن المتراجعة
من جهة أخرى لا ينفصل القرار الأمريكي بتجميد 125 مليون دولار، من مساهمتها في ميزانية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «الأونروا»، عن الميل الأمريكي العام لتخفيض إنفاقها ومساهمتها في اتجاهات عدة، سواء القرار السابق بتخفيض ميزانيتها المقدمة للأمم المتحدة، أو تقليص المساعدات الأمريكية لمنظمات دولية أخرى، ليتزامن مؤخراً مع قول الرئيس الأمريكي بأن واشنطن ارتكبت «حماقة» بمنحها مليارات الدولارات لإسلام أباد. لذلك فإن القول: أن التهديدات الأمريكية بوقف المساعدات المالية عن السلطة الفلسطينية، هي في إطار الضغط لدخولها في محادثات سلام مع الكيان الصهيوني، ما هو إلّا تغطية على تنظيم الولايات المتحدة لانسحابها وتراجعها وإعطائه صبغة القوة الوهمية.