حول أدوار الوساطة في الأزمة الخليجية
مالك موصللي مالك موصللي

حول أدوار الوساطة في الأزمة الخليجية

لا تبدو الأزمة الخليجية- القطرية في طريقها إلى الحل قريباً، بعد مرور موجة التصعيد السعودي الإماراتي الأعنف قبل حوالي شهر من الآن، دون نتائج تذكر على مواقف قطر، المطلوب تغييرها كما ترى الدول المقاطعة، والمؤشرات المحيطة بهذه الأزمة تشير إلى تصميم كل طرف على التزام مواقفه حيال هذه الأزمة...

سواء الدول المقاطعة أو قطر، لكل طرف ركائز يستند عليها في مجابهته للطرف المقابل، هنا تبدو قطر حتى الآن قادرة على استخدام شبكة علاقاتها الإقليمية والدولية بطريقة تحميها نوعاً ما من احتمالات الرضوخ للمنطق السعودي في رؤيته للسياسات القطرية، لكن أيضاً هذا الوضع القطري غير مضمون في الأمد البعيد، طالما أن السياسات الإقليمية والدولية، تشهد انزياحات سريعة في العلاقات الدولية...

وساطات غير مجدية
بعد جولة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الطويلة بين العواصم الخليجية، ورغم وصفه لهذه الجولة بالمثمرة والناجحة، إلّا أن واقع الحال يقول عكس ذلك، وهذا ما ألمحت إليه صحيفة «عكاظ»، واسعة الانتشار في السعودية، حيث علقت على زيارة الرئيس التركي إلى المملكة، بتلميح «أن زمن الوساطة التجميلية انتهى».
وبكل الأحوال تعتبر السعودية والإمارات، الدور التركي منحازاً، بعد دخول دفعات من القوات التركية إلى الأراضي القطرية، وكان قد سبقهُ مبادرة كويتية فشلت أيضاً في الوصول إلى تسوية للأزمة.
السؤال هنا: هل تبتغي السعودية، حل الأزمة من أساسها في هذه المرحلة، قبل الحديث عن قبولها بالوساطات المتعددة المعروضة من الأطراف الإقليمية والدولية؟
تبدو قطر أكثر تقبلاً لفكرة الوساطات نسبياً من السعودية، والسبب يعود هنا إلى أن للسعودية مآرب أبعد من مجرد المطالب المطروحة في التداول حول العلاقة القطرية- الإيرانية، أو مسألة «دعم الإرهاب». تريد السعودية في الحقيقة بعدائها لقطر إبعاد الشبهات حول أدوارها الإقليمية المشبوهة في دعم الإرهاب، والتدخل في شؤون دول المنطقة، إلى أبعد فترة ممكنة، ومحاولة تحميل قطر تبعات السياسة الخليجية بالمجمل في السنوات الأخيرة التي شهدت حراكات شعبية، وحروب داخلية في أغلب دول المنطقة، وبالتالي فإن حل الأزمة لا يقترن تماماً بفكرة «الوساطة الناجحة»، بقدر اقترانه بنوايا الأطراف المختلفة على حل أزماتها البينية.
هنا القول بأن قطر أكثر تقبلاً لفكرة الوساطة وإنهاء الأزمة، لا يعني بكل الأحوال هروبها من المساءلة حول «دعمها للإرهاب»، أو تدخلها في الشؤون الداخلية للدول، كما هو الحال في ليبيا مثالاً، لكن ما تريده قطر في أحسن الأحوال تقاسم المسؤولية حول هذه القضايا مع السعودية والإمارات وحتى تركيا، وعدم تحملها لتبعات سياساتها وحيدة، طالما أن هذه الدول وعلى رأسها السعودية عملت ضمن المنطق نفسه في الإقليم طوال السنوات الماضية.

وساطة روسية محتملة
إلى جانب الوساطة الكويتية التي تعتبر أساسية في الأزمة الخليجية- القطرية، تظهر المبادرة الروسية بإعلان وزير الخارجية سيرغي لافروف، وفق نص مقابلة مع قناة «رووداو» الكردية ونشره موقع «قاسيون» في 26/تموز، أعلن حرص روسيا على تسوية تلك الأزمة، وقال في معرض حديثه، «نحن نؤيد جهود الوساطة التي يجيّرها أمير الكويت.. إذا اعتقدت جميع الأطراف أنه يمكن لروسيا، في إطار تلك الجهود أو إضافة إليها، أن تقوم أيضاً بشيء مفيد، فسوف نكون على استعداد للاستجابة من جميع الأطراف». وبدورها، رحبت الخارجية الأمريكية بأية مبادرة روسية لجمع الأطراف الخليجية على طاولة مفاوضات مباشرة لحل الأزمة الدائرة مع قطر.
هنا يمكن القول: إن ضيق الخيارات الأمريكية في تعاطيها مع أزمة حلفائها الخليجيين، فتحت الباب أمام دخول روسيا على خط الأزمة للمساعدة في حلها، ذلك عندما تنضج الظروف الإقليمية لهذا الحل، وتقتنع الأطراف المتنازعة على ضرورة إنهاء هذا النزاع، ومن المرجح أن الأحداث المتسارعة في الإقليم وتحديداً في سورية والعراق، وليبيا من شأنها تغيير أولويات الملفات العالقة إقليمياً في المنطقة بعد إغلاق هذه الملفات الرئيسة اليوم، لكن حتى ذلك الحين، لا يمكن للسعودية ولا لقطر ضمان نهايات الأزمة بينهما ضمن الاحتمالات الموضوعة من قبلهم في المرحلة الحالية، بل ربما يدخل في مراحل لاحقة دخول بنود ذات طابع دولي ملزم للطرفين، بما فيها المسائل الأساسية مثل قضايا «دعم الإرهاب»، والتدخلات الخارجية التي دأب عليها طرفا النزاع سابقاً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
821
آخر تعديل على السبت, 29 تموز/يوليو 2017 15:18