اليابان تطوي صفحة «الكوريل»؟!
لطالما بقيت قضية جزر «الكوريل» المتنازع عليها بين روسيا واليابان، عاملاً حساساً في العلاقات السياسية بين الدولتين الجارتين. إلا أنه، ورغم الحشد الإعلامي الغربي، في اتجاه إثارة الحساسيات حول هذا الإشكال، يبدو أن المصلحة الاقتصادية للطرفين، قد دفعت قدماً عملية الحل السلمي لهذه المسألة.
وصل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يوم الخميس الماضي 15/كانون الأول، إلى اليابان في زيارة استمرت يومين، تم خلالها بحث التعاون الثنائي ومسألة جزر الكوريل وآفاق توقيع معاهدة سلام بين البلدين والوضع في شبه الجزيرة الكورية.
الاحتفاء بالعلاقات الروسية اليابانية
حطت طائرة الرئيس الروسي في مطار أوبي، في جنوب شرق جزيرة هونسيو. وغادر بوتين المطار إلى مدينة ناغاتوا، مسقط رأس رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي. وفي اليوم التالي كان بوتين موجوداً في العاصمة طوكيو برفقة آبي.
أعلنت الرئاسة الروسية: أن محادثات الرئيس بوتين في ناغاتوا وطوكيو، قد ركزت على توطيد العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين. ويتوقع أن تشهد طوكيو توقيع نحو 10 اتفاقيات للتعاون بين روسيا واليابان، الذي شهد بالفعل تطورات نوعية ملحوظة خلال العام الماضي، حيث التقى الرئيسان الروسي والياباني هذا العام ثلاث مرات- في مدينة سوتشي الروسية في أيار الماضي، وفي فلاديفوستوك الروسية في أيلول الماضي، وفي ليما- على هامش قمة التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ- في تشرين الثاني الماضي.
وأكد يوري أوشاكوف، مساعد الرئيس الروسي، في وقت سابق، أهمية دعوة رئيس الوزراء الياباني، لاستقبال بوتين في مدينة ناغاتوا، وهي مسقط رأس شينزو آبي، مشيراً إلى أنها خطوة غير مسبوقة من قبل رئيس الحكومة اليابانية حيال ضيف أجنبي رفيع المستوى.
الحل السلمي..
تمتين للعلاقات
يذكر في هذا السياق، أن موسكو تؤكد على أهمية بناء علاقات الثقة والتعاون بين البلدين، من أجل حل قضية معاهدة السلام بينهما، مشيرة إلى أن التبادل التجاري بين البلدين انخفض في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام بنسبة 28% بسبب انخفاض أسعار المواد الخام والعملات، وفرض العقوبات على روسيا. ومن المتوقع أن يبحث بوتين وآبي أيضاً، في وقت لاحق، أبرز قضايا الأجندة الدولية، بينها الوضع في شبه الجزيرة الكورية.
وبشأن قضية الكوريل المتنازع عليها بين البلدين، أعلن الرئيس الروسي قبيل زيارته لوسائل الإعلام اليابانية: إن موسكو تسعى إلى حل هذه القضية وتوقيع معاهدة السلام بين البلدين، لكن ذلك ليس على حساب مصالحها، داعياً إلى إيجاد حل وسط، وأشار إلى أنه من السابق لأوانه الآن الحديث عن التوصل إلى اتفاق كامل وناجز.
ولا تزال جزر الكوريل الجنوبية، موضوع جدل طويل الأمد بين روسيا واليابان، نتيجة مطالبة طوكيو بالجزر الجنوبية، وهي «إيتوروب» و«كوناشير» و«شيكوتان» و«هابوماي»، وتشترط إعادتها إليها مقابل توقيعها على معاهدة السلام مع روسيا، التي لم توقع حتى الآن منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، فيما يتمثل موقف موسكو، بأن جزر الكوريل أصبحت جزءاً من الاتحاد السوفيتي السابق، بنتيجة الحرب العالمية الثانية، والسيادة الروسية عليها مثبتة ضمن القانوني الدولي، ولا يمكن التشكيك فيها.
واعتبر بوتين عدم توصل البلدين حتى الآن إلى معاهدة السلام، مفارقة تاريخية، تحد من فرص تطوير التعاون بين البلدين. وتحدث الرئيس الروسي، عن إمكانية تطوير التعاون الاقتصادي الروسي الياباني في جزر الكوريل الأربع الجنوبية.
اتفاقيات استثمارية
وبالفعل، لقد شكلت الزيارة أملاً كبيراً لتوقيع الجانبين الروسي والياباني على حوالي 10 وثائق حكومية، وكذلك على 12 أو 15 اتفاقية تجارية، إضافة إلى نحو 50 وثيقة أخرى على مستوى قطاع الأعمال، منها اتفاقية تأسيس صندوق استثماري مشترك برأس مال قدره 100 مليار ين (حوالي 910 ملايين دولار). ويهدف الصندوق إلى تمويل مشاريع في الشرق الأقصى الروسي، وخاصة في مجال الصحة.
وقد مثّل طوكيو في هذا الصندوق بنك «اليابان للتعاون الدولي»، في حين مثل موسكو «صندوق الاستثمارات المباشرة الروسي». وبلغ حجم التبادل التجاري بين روسيا واليابان في العام 2015 نحو 21.3 مليار دولار، وهو أدنى من مستواه في 2014 بنسبة 30.7%، إذ وصل عندها حجم التجارة بين البلدين 30.8 مليار دولار.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 789