الاتحاد الأوروبي ورثاء «ماستريخت»

الاتحاد الأوروبي ورثاء «ماستريخت»

جل ما يدور اليوم في أروقة السياسة الأوروبية من مشاريع قوانين واستفتاءات ومواقف، من قضايا اللاجئين، وضم تركيا إلخ.. كله يدور في فلك «الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي» شكلياً، والذي يدور فعلياً، في فلك التغير الجاري في موازين القوى الدولية.

 

 

هل فعلاً، انسحاب بريطانيا هو المحرك الأساسي لما يدور اليوم في أوروبا؟ إذاً ماذا عن الأزمة المالية في عام 2008، وعن أزمة اليونان المستمرة منذ سنوات عدة ؟

أزمة أكبر من أوروبية

في الوقت الذي تعمل فيه ألمانيا وفرنسا لإدخال عقوبات تدريجية بحق روسيا، تعارض دول أخرى على رأسها إيطاليا، اللجوء إلى هذا الخيار بالشكل المطروح في البرلمان الأوروبي، والمتضمن عبارة «مزيد من التدابير التقييدية».

فرنسا وألمانيا، التان تعتبران مراكز أوروبا سياسياً واقتصادياً، قدمتا توصية إلى قادة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لتمديد العقوبات الاقتصادية ضد روسيا، وستضع هذه التوصية بداية للعمل على التمديد الرسمي للتدابير التقييدية.

قبل ذلك، أعلن رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، أنه لا يوجد بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، موقف موحد بشأن السياسة تجاه روسيا، وقال توسك، في كلمة خلال الجلسة العامة للبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ في 26/ تشرين الأول: «يجب علينا الحفاظ على الوحدة في علاقاتنا مع روسيا، وأن بناء وحدة الاتحاد الأوروبي عملية صعبة، إن لم تكن بشعة، ولكن لا يوجد دليل لهذا».

هنا يدرك توسك، أن الموقف المشترك من روسيا، هو أحد ضمانات استمرار الاتحاد الأوروبي موحداً، لكن هل يمكن توحيد الموقف من روسيا سواء بالمواجهة أو بالتآلف؟

على المقلب الآخر، نرى أيضاً الموقف من دخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، فبينما تحاول النمسا مدعومة بمواقف البرلمان الأوروبي، ومن خلفها مجموعة دول أوروبية، تجميد المفاوضات مع الجانب التركي، تفضل فرنسا وألمانيا تهدئة الأجواء واستمرار الحوار على قاعدة ما يسمى بـ«الوضوح والحزم».

«ماستريخت» التاريخية

يمكن الملاحظة أن دول الاتحاد على العموم، أقل قدرة على التحرك في قضية الانفكاك عن الاتحاد الأوروبي من عدمه، والسبب يعود إلى أن بريطانيا منذ إنشاء الاتحاد أخذت مسافة أمان سمحت لها بالتحرك سريعاً خارج إطار الاتحاد، للبحث عن فضاءات منتقاة بحيث تخدم مصالح الرساميل البريطانية بأفضل طريقة ممكنة، وبشكل عام، فإن الحكم على قضية الانفكاك بحكم قيمة، صحيح-خاطئ، هو تبسيط للفكرة. 

هذه الخلافات هي دلائل تفكك، ليست بالضرورة أن تظهر بالطريقة البريطانية حصراً، «استفتاء وانفصال»، بل إن الموقف من القضايا الأساسية العالقة وحده كافٍ لإفقاد الاتحاد الأوروبي صفة الاستقرار السياسي والاقتصادي، بغض النظر عن أشكال التحرك التي تقوم بها كل دولة ضمن الاتحاد.

 

معلومات إضافية

العدد رقم:
789