رهاب النصر العراقي.. بلا واشنطن..!
يتزايد مع الوقت، التساؤل حول تأخر إنجاز معركة الموصل، مع العلم أن الحكومة العراقية أعلنت مع بداية المعركة، أن الآجال الزمنية لها قد لا تتعدى نهاية العام الحالي، هذه الحسابات هي من منظور الطرف العراقي- المعني الأول بالمعركة- لكن كيف هي المعركة من منظور القوى الدولية، وتحديداً واشنطن؟
الإشارة إلى واشنطن، مردها الأول احتكار هذه القوة الدولية لـ«مكافحة الإرهاب» في العراق، لنقارن بذلك نتائج نشاطها العسكري، بمثيله الروسي على الأراضي السورية، من حيث الآليات والنتائج..
ضرورات ليست أمريكية!
مقارنة النشاط العسكري الأمريكي المريب في العراق، بالروسي في سورية، كان أحد أهم عناصر الضغط لبدء معركة الموصل، واليوم باتجاه إنجازها. وإلى جانب هذا العنصر، يمكن القول أن المزاج الشعبي العراقي العابر للطوائف والأعراق، دفع قدماً المعركة إلى ما وصلت إليه اليوم من إنجازات.
أي، أن جملة التناقضات المحيطة بالمعركة ومستوى نضوجها، الداخلية منها والدولية، تدفع بهذه المعركة إلى نهاياتها الموضوعية، أي إنجاز المهمة بيد الشعب العراقي، والالتفات إلى الملفات الأخرى المتعلقة بالفساد والتنمية والنظام السياسي العراقي.
وهذا ما لا يلائم واشنطن من حيث تحصيلها السياسي، الذي يبقى سقفه الأعلى البقاء الوازن في العراق، سياسياً وعسكرياً، وحده الأدنى ضمان ترك العراق بأكبر قدر ممكن من المشاكل التي تنهك العراقيين وحتى جيرانهم الإقليميين.
رهاب النصر دون واشنطن!
من الناحية العسكرية، تبقى قدرة العراقيين بتسمياتهم كافة والمشاركين في المعركة، على إحداث تغيرات كبرى في الموصل دون الاعتماد تماماً على قوات «التحالف الدولي»، حقيقة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، وما يعرقلها فقط، هو الكم الكبير من التزامات الحكومة مع الطرف الأمريكي أثناء احتلال العراق، وما بعده من اتفاقات عسكرية وأمنية مهدت الطريق لـ«انسحاب» القوات الأمريكية من العراق. لكن التضارب بين مصالح الشعب العراقي والضرورات الأمريكية من شأنه في نهاية المطاف، أن يعيد البحث جدياً في مستوى التنسيق مع «الأمريكيين» سياسياً وعسكرياً.
لكن بالعودة إلى الضغوطات الداخلية- بفعل الإجماع الشعبي العراقي على إنجاز المهمة- والدولية المتعلقة بالضغط الروسي على النموذج الأمريكي في مكافحة الإرهاب، فإن الخيار المذكور أعلاه بحدوث تغيير في حسابات المعركة، بدعم إقليمي ودولي من أعداء واشنطن، يصبح خياراً يرهب واشنطن، فهل يعقلون؟!
الإدارة الأمريكية الحالية، تدرك مخاطر خسارة النفوذ في العراق، لكن سلوكها حتى الآن يشي بأن قوى الفاشية الجديدة ضمن هذه الإدارة، هي قوى مؤثرة وفاعلة بقوة في الملف العراقي، والدليل الأخير كان بالتغطية الجوية لعناصر «داعش» المتوجهين من الموصل إلى تدمر عبر الحدود السورية- العراقية، الواقعة تحت المراقبة الأمريكية.
تطمينات معلنة
أكد وزير الدفاع الأمريكي، أشتون كارتر، في زيارته المفاجئة إلى بغداد، أن أيام «داعش»، في الموصل «باتت معدودة»، وأن التنظيم يعيش أيامه الأخيرة، في المدينة مع تقدم القوات العراقية وتحريرها لأحيائها.
رغم تلك التطمينات الأمريكية، فيما يخص معركة الموصل، إلا أن الحقيقة القائلة بعزوف واشنطن عن حسم المعركة، قد يدفعنا بأحد الافتراضات للقول: أن واشنطن قد تساند القوات العراقية لإنجاز خطوات سريعة في داخل المدينة، والاستفادة منها إعلامياً وسياسياً قدر المستطاع، وليس بمنطق إسناد القوات العراقية لحسم المعركة عن آخرها، ضمن منطق المناورات الأمريكية المستمر في العراق.
في هذا السياق، يمكن القول أيضاً: أن مستوى التقدم الروسي في مكافحة الإرهاب على الأراضي السورية، يزيد الحاجة الأمريكية لالتقاط الأنفاس، بتحركات جزئية، تزيح من الواجهة الإعلامية ولو قليلاً، زخم التقدم الروسي.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 789