العولمة بعد 11 أيلول 2001 شلالات الدم.. لن توقف الانهيارالرأسمالي

ضمن فعاليات أسبوع المدى الثقافي الثالث، جرت يوم 27/3/2002 ندوة تحت عنوان: «العولمة بعد 11 أيلول 2001: تفكك أم تعميق للهيمنة الأمريكية؟». وكان من المفترض أن تسير الندوة عبر خمسة محاور مشتقة من العنوان الرئيسي..

وكان من المفترض أيضاً أن يشارك في هذه الندوة الهامة خمسة باحثين عرب إضافة الى رئيس الجلسة.. كما كان من المفترض كذلك أن تجري نقاشات معمقة من الحضور تفي بالعنوان، العنوان الذي أضاف واضعوه تقويماً جديدا للتقويم  الميلادي والهجري، وهو (قبل وبعد 11 أيلول 20011)!!..

هذا ماكان مفترضاً.. ولكن «تجري الرياح بما تشتهي السفن العربية».. فتغيب ـ كما هو الحال في بقية فعاليات الاسبوع ـ ثلاثة باحثين.. وحضر بعد بدء الندوة باحث غير مقرر في البرنامج..

وبالنتيجة.. أدار الندوة الباحث د. محمود أمين العالم، وحاضر بها كل من الرفيق د. قدري جميل، و د. الصحفي حسني محلي، والتحق بالندوة الباحث د. أحمد برقاوي..

سلطة الثقافة

** وبعد أن تحدث د. محمود أمين العالم بشكل مطول حول مؤتمر القمة العربي وعن حلمه بأن «يشكل المثقفون العرب برلماناً لهم، فثقافة السلطة ينبغي أن تواجهها دائماً  سلطة الثقافة».. وبعدها دخل في موضوع الندوة من خلال ماكان قد طرحه مسبقاً.. وقال:

«في تقديري أن العملية في 11 أيلول هي جزء من مخطط كبير، حاولت فيه الرأسمالية العالمية والولايات المتحدة بوجه خاص التصدي لتصاعد الإدانة الشعبية العالمية لسياسة العولمة الجارية، والاقتصادية التي أفضت وتفضي إلى تكاثر الأخطار البيئية والأزمات الاقتصادية والفروق الطبقية في العالم.


لقد كان مؤتمر ديربان في جنوب أفريقيا لإدانة العنصرية عامة والعنصرية الصهيونية بشكل خاص، والذي ضم 3000 منظمة غير حكومية، فضلاً عن 150 دولة، كان هذا المؤتمر القمة في التعبئة الديمقراطية الشعبية العالمية المناهضة لسياسة العولمة عامة ولسياسة الولايات المتحدة الأمريكية بشكل خاص. وقد سبق مؤتمر ديربان العديد من التحركات الجماهيرية، في سياتل، في إيطاليا، في إنكلترا.. ومناطق  أخرى في العالم ضد هذه السياسات وخاصة سياسة منظمة التجارة الدولية، وكانت الموجة المناهضة لهذه السياسات مؤهلة لتأخذ سمتاً أكثر ارتفاعاً وأشد عمقاً  جماهيرياً ولهذا كان لابد من إجهاضها مهما كانت التضحيات، فالهدف أكبر من 
أية تضحية. إنه حماية هذه العولمة  الرأسمالية ومواصلتها وتعميقها.

من المنتفع؟!

إن مثل هذه العملية الكبرى لا يتم السؤال فيها حول من الذي قام بها، وإنما السؤال هو من المنتفع عملياً منها»؟!..

واستعرض الباحث كلمة سابقة لكيسنجر في مجلس الشيوخ الأمريكي عام 1975 قال فيها: «إن الإرهاب هو سلاحنا الأساسي للحفاظ على مصالحنا، وإن القتل مبرر في عرفنا، والتخريب مبرر لدينا، والمؤامرات مشروعة عندنا. إذاً ما المشكلة كل شيء  مبرر»!…

وأضاف الباحث محمود أمين العالم: إنها حرب شاملة تقوم بها الدول الرأسمالية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية كجزء من استراتيجيتها التوسعية الجديدة لاستعادة تمكين سيطرتها وهيمنتها على هذه المنطقة من العالم تحقيقاً لمصالحها الخاصة، وإن تزيت بزي التحرير المظهري ومعاداة الإرهاب، وهي تمارسه بأبشع صورة.

هذه كارثة!!

أما الباحث الصحفي د. حسني محلي فقد تمحور حديثه حول مؤتمر القمة في بيروت، وبانفعال شديد قال:

«أن كلمة تخاذل بسيطة جداً، وكذلك كلمة الخيانة، والعمالة ربما هي بسيطة… الشباب الفلسطيني يذبحون، وزعماء عرب، لأسباب شخصية، ذاتية، غرامية، عشقية، لا يريدون أن يحضروا قمة بيروت، وآخرون لا يتهمون شارون بالإرهابية، وآخرون ينتقدون بخجل العنف الإسرائيلي.. هذه كارثة»..

ولا شك أن قمة المهزلة في ظروف الذبح اليومي في فلسطين جعلت الباحث يرتجل حديثه بعيداً عن عنوان الندوة. وتعاطف معه العديد من الحضور. وشكل استياءً عند بعضهم الآخر..

العولمة هي هي..

** وتحدث الباحث د. أحمد برقاوي، والذي كما أسماه مدير الندوة بـ «الباحث المشاغب» عن رؤاه الفلسفية لعالم اليوم.. معتبراً العولمة «تعبيراً جديداً لحركة الرأسمالية العالمية»، وإن السؤال عن العولمة ماقبل 11 أيلول وما بعده سؤال لاداع له، «فالعولمة هي هي العولمة الرأسمالية»..

وعن سؤال أحد المتحدثين الذي كان يأمل من الندوة أن تجيب عن سؤآل: مالعمل؟، قال د. برقاوي: «مالعمل ليس سؤالاً لنا، لماذا دائماً ننتظر الجواب من الآخرين؟، ليس هناك غموض في الطريق الى الحرية»!..

وأضاف«أحد أوجه المقاومة اليوم هو الكفاح من أجل فلسطين، وهذا يمر عبر الكفاح في كل مجتمع داخلي، ولا يمكن أن نكون مع فلسطين وفي نفس الوقت مع الولايات المتحدة الأمريكية»..

السؤال.. والجواب الصحيح!!

وقدم الرفيق د. قدري جميل تحليلاً لموضوع الندوة، طرح من خلاله العديد من الأسئلة التي تحمل في طياتها رؤية معمقة لعالم اليوم، أثارت دائرة الاهتمام والتفكير لدى الحضور.. وجاء في مداخلته:

أعتقد أن السؤال الأساسي في الندوة: تعميق أم تفكك الهيمنة الأمريكية؟ سؤال يستحق التوقف عنده ومحاولة إيجاد جواب عليه، لأن الجواب الصحيح على هذا السؤال الصعب، سيبنى عليه سياسات واستراتيجيات تساعد في المستقبل على مواجهة هذه  الهيمنة.

لذلك أعتقد أن السؤال الأول يجب أن يطرح استكمالاً لما قاله د. محمود أمين العالم، وهو 11 أيلول نتيجة أم سبب في نهاية المطاف؟

المتابعون للوضع الاقتصادي العالمي كانوا متنبئين للحقيقة التالية،والتي لم يكن الإعلام العالمي المعولم يتكلم عنها كثيراً، هذه الحقيقة هي: أن الدولار الأمريكي في ورطة لا مخرج منها. وهذا الكلام لم يقله أعداء الدولار الأمريكي، بل نتيجة تحليل قاله آولئكالذين يساندون الدولار الأمريكي وعلى رأسهم صندوق النقد الدولي. الذي نصح في تقريره المقدم في حزيران 2001 بالانتقال من سياسة الدولار القوي إلى سياسة الدولار الضعيف. أي  تخفيض قيمة الدولار بالتدريج، لأنه لم يعد ممكناً الحفاظ على وضع الدولار الحالي. واقترح صندوق النقد الدولي أن يأخذ الدولار قيمته الحقيقية والتي هي أنقص من 30 ـ 50% من قيمته آنذاك، ونصح أن يجري ذلك بالتدريج كي لا تحدث (صدمة)، بالتدريج بحدود 7 ـ 88% كل مرة.

والمتابعون آنذاك يتذكرون أن أسعار الفائدة كان مدير البنك ا لاحتياطي الفيدرالي غرين بيس يخفضها كل يومين أو ثلاثة مرة، وكان هناك مشكلة في أسواق الأسهم التي كانت تهتز، وهذه الاهتزازات كانت مؤشراً قوياً على أن هناك زلزالاً أتياً..والاختصاصيون كانوا يقولون إنه إذا لم يجر تحكم بانهيار الدولار القادم، فالمشكلة ستكون كبيرة جداً بالنسبة للاقتصاد الأمريكي، وهذا الكلام لم يكن مبنياً على أوهام بل على وقائع. والسبب تبينه بعض الأرقام:

الأرقام تتحدث

ـ الدين الداخلي الأمريكي هو (27) تريليون دولار، مع العلم أن أمريكا هي أكبر دولة مدينة داخلياً. أي أن الحكومة تطلب من البنك الاحتياطي الفيدرالي طبع عملة ورقية. وهذا ما جعل قيمة الدولار الفعلية حسب تقديرات الاختصاصيين في العالم تقدر بـ (4) سنتات فقط لاغير،لأن القيمة الفعلية تقاس بقدر التغطية لقيمة الدولار في الداخل، وقدر تغطيته بالإنتاج والعملات الصعبة والذهب. فـ (96%) من الدولار يدور في فضاء العالم بلا مقابل، أي أنه أوراق لا قيمة  لها. ولكن كون العالم بحاجة إلى عملة تبادل عالمية، ولا توجد عملة تبادل عالمية رسمية، تنطح الدولار بعد الحرب العالمية الثانية للعب هذا الدور، مما جعل الحكومات الأمريكية المتتالية تغرق في هذا السبيل، والتي أمنت من  خلاله الهيمنة الاقتصادية العالمية، لقد أمنت الولايات المتحدة الأمريكية الهيمنة الاقتصادية العالمية بعد الحرب العالمية الثانية، ليس فقط بسبب وزنهم الذي كان يوازي 30% من حجم الإنتاج العالمي، وإنما لأن وضع الدولار سمح لهم بذلك، ولكن حينما نخفض وزنها النسبي من الإنتاج العالمي تغيرت المعادلة.

واليوم أمريكا وزنها الاقتصادي العالمي بحدود 20% وتأتي في المرتبة الثانية عالمياً، ولكن مازال الدولار الأمريكي يؤمن لهم وزناً مهيمناً في الاقتصاد العالمي.

إذاً 4% من قيمة الدولار في  العالم فقط فعلياً، إن حجم الإنتاج العالمي سنوياً هو (30) تريليون دولار، وحجم الدولارات  التي تدور في العالم هي (300) تريليون دولار، أي عشرة أضعاف كمية الإنتاج السنوي، والاقتصاديون يعرفون أن ذلك مستحيل أن يستمر طويلاً، لأن ذلك يسبب انهياراً في النهاية، وبالأحرى فالمعادلة الصحيحة هي في أن تكون كمية النقد أقل من كتلة السلع الموجودة في العالم، واليوم التقديرات تقول بأنه توجد دولارات في العالم بحدود 80 ضعفاً أكثر من قدرة الأمريكان على تغطيته فعلياً. أي  أن لحظة الحقيقة تقترب، كان هناك انهيار لا محالة منه اقتصادياً، وهذا الانهيار كانوا يهربون منه بأشكال مختلفة، وهم مبدعون في هذا المجال، أحياناً حروب صغيرة، وأحياناً حروب متوسطة الشدة، حرب الخليج. حرب  يوغسلافيا… تدوير العجلة مؤقتاً، والبورصة منذ عام 1995 لغاية عام 2000 دورت الدولارات الفائضة بسرعة كبيرة وأخفت ظهورها على السطح على أنها كمية دولارات  فائضة.

ولكن كل الاختصاصيين كانوا يؤكدون، سواء إن كانوا يساريين أو يمينيين من الشرق أو الغرب، بأن انهيار الدولار آت لامحالة في الفترة الواقعة بين 15 آب و15 تشرين الأول. وفي هذه الفترة كان يجب أن يجري تغيير جذري لقيمة الدولار، أي ما يعني  تخلي أمريكا عملياً عن دورها العالمي رقم (11).

وما هو الحل العملي في هذا الموضوع؟!.. لا يوجد إلا حل واحد لجأت إليه الرأسمالية، ولطالما لجأت إليه في القرن العشرين، حل الأزمات المستعصية هو الحرب. وحجم الأزمة الأمريكية كان كبيراً لدرجة لا تحله حرب صغيرة أو متوسطة الشدة، فهي بحاجة  إلى حرب كبيرة.

وجميع الاختصاصيين كانوا منتبهين لذلك ويتوقعونه، فالاقتصادي الأمريكي لاروش مثلاً قال في 25 حزيران 2001 حرفياً: «إننا الآن في أعماق أزمة المنظومة المالية، ما لم تحدث حرب منذ الآن حتى نهاية العام، فإننا نستطيع أن نقول بشكل مباشر وبسيط أن هذا النظام المالي العالمي سينهار، وسينهار معه النظام النقدي العالمي أيضاً. ولا يمكن منع انهيار هذا النظام، إنه برسم الانتهاء، وكل ما نستطيع فعله هو إنقاذ الاقتصاد على حساب التضحية بالنظام الاقتصادي القائم»…

ويضيف: «ما يمكننا أن نقوله أن النظام المالي الراهن لا يعمل (أي نظام ما بعد إلغاء بريزالوزر عام 1974 أي فك الارتباط بين الدولار والذهب) لا يعمل منذ عام 1967، مالدينا هو النظام الغلط».

ويضيف: «لا نستطيع أن نقول أن لدينا أزمة دورية، لدينا نظام يعاني من مشكلة لن يستطيع الهروب كما سبق وحصل لن يكون مبدأ الانتعاش الاقتصادي ضمن هذا النظام طالما استمرت السياسات المالية النافذة للبنك الدولي، طالما استمرت السياسات الراهنة للولايات المتحدة في الهيمنة، طالما استمرت هيمنة صندوق الاحتياط الفيدرالي، لن يكون هنالك صعود لأي مكان في الولايات المتحدة»..

ويضيف«تتحول دول كثيرة نحو الإفلاس، الولايات المتحدة، ودول أوروبا الغربية، ألمانيا، فرنسا، إيطاليا، نعم إن الولايات المتحدة دولة مفلسة. لا تخدعوا أنفسكم بالأشياء التي يقولونها لكم.

إلى الآن الولايات المتحدة تواجه أسوأ أزمة في تاريخها، أسوأ من كل أزمات القرن العشرين»..

وقد توقع بدء الحرب في آب، وأخطأ شهراً واحداً، حيث يقول: «شهرآب يقترب وهو شهر جيد لبدء الحرب في (أوراسيا) لأسباب مختلفة، نحن الآن على شفا حرب، يجب تحضير الحرب من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا».

ويتذكر «لاروش» بريجنسكي الذي قال: «أن الوسيلة الوحيدة لمنع الصين وروسيا والهند وغيرها من تحقيق تعاون اقتصادي في أوراسيا هو أن نشعل الحرب بين الإسلام والغرب.

إن الاقتصادَين الأمريكي والأوروبي في طريقهما إلى الدمار، إن الحضارة في خطر. لقد آن الآوان ليتقدم شخص ما في الولايات المتحدة ليقول لن أسمح لذلك أن يحصل»..

لقد سقت هذه الأمثلة لأؤكد على فكرة جاء بها د. محمود أمين العالم على أساس الاستدلال الحدسي، ولكن الوقائع تبين أن هذا الاستدلال الحدسي ليس فقط حدسياً، بل هنالك وقائع تؤكده، نعم الوقائع تؤكد أن الحرب بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية كان لابد منها، ولكن السؤال كان: أين؟ أو كيف؟!.. البعض يقول أن الولايات المتحدة أوجدت حلاً لم يكن أحد يتوقعه. الحل في حرب افتراضية مع عدو وهمي في أفغانستان  وقابلة للتطور في كل الاتجاهات شمالاً شرقاً غرباً، حسب الحاجة.

أهم شيء بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية حالياً كما جاء في كتاب بريجنسكي (رقعة الشطرنج الكبرى) حيث يقول: أن أوروبا وآسيا بهما 70% من سكان العالم و60% من ثروة العالم، ومشكلة أوروبا وآسيا أنه ليس هنالك من تبادل بينهما إلا عبر البحر. وإذا جرى التعاون بين الهند والصين وروسيا وأوربا الغربية من اجل تعميق التبادل، يعني ذلك أنه نشأ نظام عالمي جديد ينهي دور الولايات المتحدة الأمريكية. لذلك آسيا الوسطى بالنسبة لبريجنسكي هي قلب العالم، ومن يسيطر على آسيا الوسطى سيسيطر على العالم. لذلك لا نستغرب بدء حربهم الجديدة في أفغانستان وهناك إذن أسباب اقتصادية عميقة، وهي تفكك للهيمنة الأمريكية اقتصادياً. وهذا مادعاهم للبحث عن حلول غير اقتصادية للمشكلة الاقتصادية، وهي حلول عسكرية ـ سياسية، لذلك فإن الخوف من انتهاء سيطرتهم وهيمنتهم الاقتصادية السياسية العالمية، وتفكك هذه السيطرة دفعهم إلى الهروب إلى الأمام بشبه حرب كبرى تقوي مؤقتاً هيمنتهم العسكرية، ولكن في حال فشلها فالانهيار سيكون ليس فقط اقتصادياً، بل انهيار اقتصادي ـ سياسي ـ اجتماعي، أي انهيار متعدد الإحداثيات.

والتاريخ سيتحدث كثيراً عن 11 أيلول وتفاصيله، والاستدلال الحدسي للدكتور محمود أمين العالم سيتأكد بالوقائع لاحقاً، ولكن أقول أن ذلك ليس بعيداًَ عن الأمريكان، وهناك أمثلة كثيرة من التاريخ الحديث تثبت أنهم قادرون على فعل ذلك. هتلر كي يضرب بولونيا بعث قوات ذبحوا مخفر شرطة ألماني وبعدها جرى غزو بولونيا، ولوندون جونسون كي يضرب فيتنام الشمالية بعث باخرة وغواصة، أمريكيتين، وقامت الغواصة بضرب الباخرة، واتهم الفيتناميين بها، وبدأ الحرب على فيتنام  الشمالية.

من المستفيد؟؟

إن من يريد أن يبحث عن مسببي جريمة ما، يبحث عن المستفيد؟!..

بعد 11 أيلول نجد أن المستفيد الفعلي هو المجمع الصناعي العسكري الذي يمثله بوش الأب والابن، وضخت في هذا المجمع الصناعي العسكري عشرات المليارات من الدولارات ويلعب اليوم دور القاطرة في الاقتصاد الأمريكي، وإن لم ينعشه فهو أوقف مؤقتاً انهياره.

الدولار كما ذكرت كان مرشحاً للانهيار حسب التنبؤات والتقديرات العلمية الاقتصادية، الدولار توقف الآن عن الانهيار ولم يتحسن وضعه، والآن يقولون نحتاج لفصلين أو ثلاثة حتى نبدأ بالصعود، هذا في حال نجحت حملتهم العسكرية، وفي حال لم تنجح هناك  كلام آخر..

كي يعيش الاقتصاد الرأسمالي يحتاج إلى شلال من الدم، ملايين من الضحايا في الحرب العالمية الأولى قتل نحو 15 مليون شخص، أو الثانية نحو 55 مليوناً، وهذه المرة لا نعلم ما هو حجم تلك الشلالات من الدم التي يجب أن تبتلعها شرايين المجمع الصناعي العسكري الأمريكي كي يستطيع إنعاش اقتصاده…

وبالتالي فإن تضحيتهم في 11 أيلول بنحو (4 أو5) آلاف شخص ليس بالشيء الكثير من أجل إنقاذهم المؤقت لنظامهم وخروجهم من أزمتهم الدائمة المستعصية…

إعداد ومتابعة:

 كمال مراد

معلومات إضافية

العدد رقم:
172