جون بولتون...«فتوة» أميركا الخائب في الأمم المتحدة!
ظلت إدارة بوش طيلة الصيف الحالي تضغط على لجنة العلاقات الخارجية بمجلس "الشيوخ" الأميركي لإقناعها بالموافقة على تعيين جون بولتون بشكل دائم كمبعوث للولايات المتحدة في المنظمة الدولية. وكانت سمعة بولتون السيئة في مجال مناهضة الأمم المتحدة وطبعه الشرس، قد جعلا هذه اللجنة التي يتحكم فيها "الجمهوريون" غير راغبة في تثبيت بولتون (الذي يتولى مهام وظيفته بناء على تكليف مؤقت) في منصبه خلال العام الماضي.
يعني هذا أن بولتون ليس أمامه سوى 12 شهراً كي يظهر ما لديه غير أنه يمكن القول إنه لا يوجد حتى الآن دليل واحد يؤشر على أنه يستحق التعيين بشكل دائم كسفير لبلاده لدى الأمم المتحدة.
وبولتون لم يكن دبلوماسياً أبداً وهي صفة تعتبر من علامات الشرف وسط زملائه. فالرجل جاء من الجناح الأكثر "محافظة" في الحزب "الجمهوري"، وكان السبب الرئيسي الذي دعا بوش لاختياره هو إرضاء العناصر الأكثر شططاً في الجناح اليميني في إدارته، التي تتبنى مواقف تجاه المنظمة الدولية تتراوح ما بين الازدراء والرغبة في القضاء عليها.
وكان بولتون لفترة طويلة من المنتقدين المتطرفين للأمم المتحدة الذين لا يتورعون عن الإدلاء بالتصريحات الماسة بالمنظمة الدولية. ومن أكثر التصريحات السيئة السمعة التي أدلى بها بولتون في حق المنظمة الدولية قوله: "إنه لن يكون هناك فرق فيما لو تم هدم 10 طوابق من الطوابق المكونة لمبنى الأمم المتحدة." ومنها أيضاً "ليس هناك ما يلزم أميركا بسداد المستحق عليها للمنظمة"، و"مجلس الأمن يجب تقليصه بحيث يضم دولة واحدة فقط هي الولايات المتحدة" بيد أن أكثر تلك التصريحات استهانة ذلك الذي قال فيه "ليس هناك شيء اسمه الأمم المتحدة".
وسجل بولتون منذ أن تولى منصبه منذ عام تقريباً يشير إلى أن موقفه تجاه المنظمة الدولية لم يتغير، فحتى بعد أن وافقت المنظمة الأممية على إجراء إصلاح في مجلس حقوق الإنسان، ترافع بقوة ضد الفكرة ولم ينجح سوى في حشد ثلاث دول فقط من بين دول الجمعية البالغ عددها 119 دولة لتأييد موقفه مما عرض بلاده لهزيمة مذلة في نهاية المطاف. وبعد ذلك غير "بولتون" موقفه وقال إنه سيتعاون مع المجلس وهو ما جعل واشنطن تظهر بصورة الطرف الخاسر الذي يحاول أن يتعلل بأي شيء كي يغطي على خسارته. وكل تلك المواقف والسياسات دفعت "كريستوفر دود" السيناتور "الديمقراطي" عن ولاية "كونتيكت" إلى التعليق على أدائه بقوله إن "بولتون لم يكن سوى فتوة ولكنه فتوة خائب".
وحاول "بولتون"، كما يقال التمسح برئيسه المباشر مثل وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، ونائب الرئيس ديك تشيني، لنيل دعمهما لآرائه ومواقفه المتشددة في الأمم المتحدة. فعلى سبيل المثال، رفض "بولتون" المصادقة على ما يعرف بأهداف تنمية الألفية للأمم المتحدة والرامية لتخفيف حدة الفقر في العالم النامي. ولكن "رايس" لم توافق على ذلك وأجبرته في النهاية على تغيير موقفه.
وإلى الحد الذي كان مسموحا له بالعمل في الأمم المتحدة- وهو ليس بالكبير- وجد "بولتون" نفسه مضطراً إلى الرضوخ للسائد. من بين الحالات الأخيرة الدالة على ذلك موضوع وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حزب الله"، حيث لم يستطع "بولتون" سوى أن يذعن لذلك النوع من الواقعية الجديدة في إدارة بوش وأحياناً للضغط الدولي. أما بالنسبة لأدائه فهو هامشي في أفضل أحواله، ويمكن لنا أن نقول دون افتئات على الحقيقة إنه من أسوأ الأشخاص الذين شغلوا منصب سفير الولايات المتحدة في المنظمة الدولية على الإطلاق، ويمكن لي أن أقول إن وجود "بولتون" في سجل واحد مع تلك الشخصيات يعد في حد ذاته وصمة على جبين أمريكا، وإن ترشيحه للمنصب بشكل دائم يجب أن يُرفض من مجلس "الشيوخ" الأميركي.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 282