سد «أليسو» التركي.. استفزاز الشريك المائي العربي

وضعت تركيا حجر الأساس لبناء مشروع سد «اليسو» على نهر دجلة في الجنوب التركي بالقرب من حدود تركيا مع سورية والعراق بكلفة تصل إلى نحو بليون ومئتي ألف دولار أميركي .
وذكرت المصادر التركية الرسمية أن المشروع يقضي ببناء مصنع لتوليد الكهرباء بطاقة تصل إلى 1200 ميغاوات، وسيوفر فرص عمل لنحو عشرة آلاف شخص.. فما أهمية هذا السد، وهل يؤثر في حال اكتمال إنشائه على حصص سورية والعراق من مياه دجلة؟

سد «أليسو» في الجنوب التركي يأتي استكمالاً لبناء عشرات السدود والمحطات الكهربائية ومنذ عشرات السنين على نهر الفرات من خلال مشروع GAP (أنشئ نحو 22 سداً من ضمن هذا المشروع الضخم) ونتجت عن الـGAP مشاكل ومنازعات وصلت إلى التهديد باشتباكات وحروب بين تركيا وكل من سورية والعراق بسبب إنقاص حصتيهما من المياه التي يوجبها قانون الأنهار المشتركة العابرة للبلدان، وبسبب حجز مياه النهر لمدة زادت عن الشهر لملء السدود وخزاناتها وبحيراتها، وكذلك بسبب تغير طبيعة المياه ونوعيتها وفقدان الأرض خصوبة الطمي نتيجة هذه الكثرة الكاثرة من السدود.
وفي ما يتعلق بنهر دجلة فقد شهد هذا النهر وما زال يشهد محاولات ومشاريع لإنشاء السدود والخزانات ومحطات الكهرباء في الماضي والحاضر، ومشاريع أخرى مستقبلية في بعض مواقعه، خصوصاً القريبة من الحدود السورية - العراقية المشتركة. وهناك برنامج تركي شامل متكافل يصل فيه عدد مشاريع السدود والخزانات إلى نحو 104 مشاريع يصل مجموع طاقتها التخزينية إلى 128 بليون م3 من مياه نهري دجلة والفرات وفروعهما، وبعد استكمال المشاريع كلها فإن ذلك سيوفر ري مساحات واسعة من الأراضي التركية تصل مساحتها إلى ما يزيد على مليوني هكتار، وإنتاج أكثر من 47 بليون كيلواط ساعة سنوياً من الطاقة الكهربائية – وإذا ما كانت حجة انجاز خطة شاملة للتنمية واحتياج المنطقة التركية الجنوبية وسكانها – أغلبهم من الأكراد – إلى مشاريع تنموية للتخفيف من احتقانات الفقر والإهمال والمشاكل القومية هي من الحجج التي يرددها المسؤولون الأتراك، إلا أن إغفال اعتراضات سورية والعراق وبعض سكان المنطقة الجنوبية من الأتراك واستنكاف جهات ممولة عن الاستمرار في تمويل المشاريع، وفر علامات استفهام كثيرة تتعلق بهذا الإصرار العنيد والاندفاع الدؤوب والمستمر لإنجاز المشاريع على رغم تغيير الحكومات ومرور السنين..
في حفلة تدشين سد أتاتورك – أكبر السدود التركية – ذكر سليمان ديميريل الذي أصبح لاحقاً رئيساً للجمهورية «إن ما يعود لتركيا من مجاري مياه الفرات ودجلة وروافدهما هو تركي، وإن في إمكان تركيا أن تتصرف بها كما تشاء داخل حدودها، لأن مصادر المياه هي تركية، كما أن آبار النفط تعود ملكيتها إلى العراق وسورية، إنها مسألة سيادة، إن هذه أرضنا ولنا الحق في أن نفعل ما نريد. نحن لا نقول لسورية والعراق إننا نشاركهما مواردهما النفطية، ولا يحق لهما القول إنهما يشاركاننا مواردنا المائية».
لكن قانون مياه الأنهار الدولية تضمن نصوصاً تناقض ما ذهب إليه ديميريل، إذ أكدت اللجنة الاقتصادية الأوروبية التابعة للأمم المتحدة، في العام 1952 «أن الدول المتشاطئة وان كانت تملك حقوق السيادة على الجزء المار أو المتاخم لأراضيها من النهر الدولي، فإن هذا الحق مُقيد بحقوق الدول الأخرى على هذا النهر». كما أن لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة ذكرت في العام 1973 «أن الدول المتشاطئة على النهر الدولي تستطيع استعمال المياه طبقاً لحاجاتها، شرط ألا يسبب هذا الاستعمال ضرراً للدول الأخرى المشتركة معها في هذا النهر».
فما تأثيرات إنشاء سد «أليسو» على العراق وسورية؟
ذكر الدكتور رياض حامد الدباغ رئيس جامعة المستنصرية العراقية سابقاً، «أن استئثار تركيا بكميات كبيرة من مياه نهري دجلة والفرات لن يُعرِّض مشاريع الري وتوليد الطاقة الكهربائية في سورية والعراق لأضرار بالغة فحسب، بل يعرض البلدين لخطر الجفاف وحلول الكوارث أيضاً».
وذكر مصدر في وزارة الموارد المائية العراقية «أن وارد نهر دجلة الطبيعي من المياه عند الحدود التركية والبالغ 20.93 بليون متر مكعب سنوياً سينخفض عند إنشاء سد « أليسو» إلى 9.7 بليون متر مكعب سنوياً، كما أن السد سيحرم 696 ألف هكتار من الأراضي الزراعية العراقية من المياه».

معلومات إضافية

العدد رقم:
284