بالتزامن مع التصعيد الحدودي بينهما: «مالتوس الجديد» يتجسد شيطاناً فتاكاً داخل الهند وباكستان

المالتوسيون الجدد في «النظام العالمي الجديد» يستنزفون ثروات الأرض ويؤججون الحروب لتقليص عدد سكان العالم

يبدو أن سرعة انتقال نار الاقتتال العرقي والطائفي وحتى المذهبي في هشيم النسج الوطنية داخل كل من الهند وباكستان على حد سواء عاد ليكون أسرع من محاولة سلطات البلدين احتواءها، كل بطريقته، ولاسيما في ضوء استمرار التوتر الحدودي عسكرياً بين الجارين النوويين، وذلك على الرغم من الهدوء النسبي في ولاية غوجارات غربي الهند والتي شهدت أسوأ صدامات عرقية طائفية أودت بحياة 500 إنسان في غضون أربعة أيام فحسب، منهم قرابة الستين قضوا إحراقاً وهم أحياء، وذلك في حوادث تذكر بمثيلاتها في أوائل تسعينيات القرن الماضي…

نصيب مدينة أحمد آباد العاصمة الاقتصادية للولاية المذكورة كان أكثر من 250 ضحية الاقتتال الهندوسي الإسلامي بعد استهداف قطار يقل مجموعة من الهندوس المتطرفين العائدين من مدينة أيوديا حيث كان ينتصب مسجد إسلامي دمره الهندوس في عام 1992 بهدف إقامة معبد فوقه ما أدى إلى قيام صراع عنيف أودى بحياة 3000 إنسان في حينه…

وبهدف منع تفشي صدامات العنف الطائفي خارج حدود غوجارات والتضييق عليها في داخلها لجأت السلطات الهندية إلى نشر 3000 جندي من الشرطة والجيش بانتظار نشر لواء كامل ضمن المساعي ذاتها التي تبتغي استجماع القوى والاحتفاظ بها لشؤون المواجهة الحدودية مع باكستان…

وباكستان المجاورة ليست أفضل حالاً في سياق التخبط الاحتوائي ذاته حيث اضطرت إلى فرض حماية على أماكن العبادة المختلفة بعد الحوادث المذهبية التي أودت بحياة 11 شخصاً وأصابت 14 آخرين بجروح متفاوتة إثر استهداف أحد مساجد إقليم البنجاب، في حين تم الإفراج عن زعيم حزب الجماعة الإسلامية المطلوب من واشنطن ونيودلهي قاض حسين أحمد بكفالة بعد أربعة أشهر من احتجازه، بينما بدأت في الوقت ذاته محاكمة سلمان ثاقب المتهم بالضلوع في حادثة إعدام الصحفي الأمريكي وليام بيرل عبر إرساله رسالتين بالبريد الإلكتروني تحويان صوراً للقتيل…

إلى ذلك وضمن سياسة الخطوة بخطوة الدارجة بين الجارين اللدودين أعلنت إسلام آباد أنها بصدد إعادة تقويم احتياجاتها الدفاعية للحفاظ على التوازن الاستراتيجي مع الهند «دون خوض سباق تسلح معها» بحسب ناطق حكومي باكستاني…

وأتى هذا الإعلان غداة الزيادة التي أعلنتها نيودلهي في موازنتها العسكرية بنسبة 5% بالرغم من التراجع الذي يشهده الاقتصاد الهندي وما ينطوي عليه ذلك من استنزاف قد تريد الاستشارات التي قدمتها الولايات المتحدة منه، بدرجة أو بأخرى ومن حيث المبدأ بغض النظر عن الفوارق، أن يؤدي إلى ذات المنعكسات الاقتصادية الاجتماعية التي شهدتها موسكو في حقبة الحرب الباردة وسباق التسلح الذي اضطرت إلى خوضه مع واشنطن…

وفي سياق مواز قالت إسلام آباد أنها سترفع على الفور الرسوم المحلية على الغاز الطبيعي بنسبة 20% وستلغي كافة أشكال الدعم على الغاز تدريجياً على مدى ثلاث سنوات وذلك استجابة لواحد من الشروط الرئيسية للبنك الدولي لتقديم قرض بالمدة ذاتها قيمته مليار دولار لبرنامج إصلاح قطاع الطاقة في باكستان التي حصلت منه بالفعل على 350 مليون دولار…

وشأنها شأن كل التصريحات المغلِفة للإجراءات التي تنقلب في نهاية المطاف عبئاً على كواهل البسطاء والعامة أكدت مصادر رسمية باكستانية أن الرسوم الجديدة لن تنعكس كثيراً على الشرائح الأكثر فقراً في البلاد، ولكن يبدو أن السياسات الاقتصادية الجديدة ستتكامل مع المجريات الميدانية على خطوط الحدود وفي داخل كل من الهند وباكستان على حد سواء لتشكل سيناريو يكاد يقترب في خطوطه العامة من تفاعلات شهدتها عدة بلدان منذ تفكك الاتحاد السوفييتي ومحاولة واشنطن التفرد بفرض سياساتها واستراتيجياتها على العالم…

 

فبلدان مثل يوغسلافيا، أندونيسيا، الجزائر، الفلبين، نيجيريا، الهند، ناهيك عن باكستان وأفغانستان هي جميعاً دول تشترك في تمتعها بثروات هائلة  في غناها تغري بالمزيد من استنزافها، وبامتلاكها أعداداً سكانية كبيرة يراها المالتوسيون الجدد فائضة عن حجم موارد الأرض في ظل النمط الحالي لتوزيع الثروة المُنتجة عالمياً، وهي تضم عرقيات وطوائف متعددة يسمح تأجيج صراعاتها بمستويات منخفضة أو متوسطة الحدة وتستدعي تدخلاً ما (غالباً من الدركي الأمريكي) يسمح بتقليص عدد سكان العالم، وهو ما تحدث عنه علانية منظرو ما يسمى بالنظام العالمي الجديد… 

معلومات إضافية

العدد رقم:
170