اختتم مجلس التعاون الخليجي .. بعد اثنين وعشرين عاماً من الجمود: لسانان ووجهان.. وتبعية لأسيادهم الأمريكان

 اختتم قادة مجلس التعاون الخليجي دورتهم الثانية والعشرين مساء يوم 1 كانون الثاني الجاري في العاصمة العمانية مسقط، وقد صدر عن الدورة بيان ختامي تطرق إلى العديد من القضايا الاقتصادية والسياسية والأمنية.
وكان من أبرز ما في هذه الدورة هو الخطاب الذي ألقاه ولي العهد السعودي عبد الله بن عبد العزيز ووجه فيه النقد إلى النظام الأساسي للمجلس والذي بقي دون تغيير أو تطوير على مدى عقدين من الزمن وكان أحد الأسباب التي جعلت المجلس يسير ببطء مع وتيرة العصر، إذ ظل منظمة سياسية إقليمية هدفها «التنسيق» السياسي بين حكومات الدول الأعضاء و»التعاون» في كل المجالات التي تخدم هذا الهدف، مما جعل هذا النظام حجرة عثرة أمام أي خطوة عملية للتوحد وهمشت «الشعوب» وأبقت العلاقة بين دول المجلس في مرحلة التنسيق وضاعفت من تضخم مفهوم السيادة وجعلت التوحيد في إطار الأماني.

 ومن أهم القرارات التي اتخذت وانعكست في البيان القضايا التالية:

الشؤون الاقتصادية
1- اعتمد المجلس الاتفاقية الاقتصادية بين دول المجلس لتحل محل الاتفاقية الموقعة عام 1981، وقد جاءت هذه الاتفاقية ـ كما ورد في البيان ـ منسجمة مع تطورات العمل الاقتصادي في المجلس وإنجازاته ومواكبة للتطورات على الساحة الاقتصادية العالمية، وقرر المجلس تقديم بدء العمل بإقامة التعاون الجمركي اعتباراً من عام 2003 وتخفيض التعرفة الجمركية الموحدة حيث حددها بواقع 5% على جميع السلع الأجنبية المستوردة من خارج الاتحاد الجمركي، باستثناء السلع المعفاة بموجب قراره في دورته العشرين عام 1999، ومنح المجلس المنشآت الصناعية في دول الخليج إعفاء من الضرائب «الرسوم الجمركية» على وارداتها من مدخلات الإنتاج وفقاً لضوابط محددة، ودعا البيان إلى استكمال جميع المتطلبات اللازمة لقيام الاتحاد الجمركي في موعده الجديد، واعتمد المجلس النظام الموحد للجمارك لدول الخليج بصيغته المعدلة كما اعتمد لائحته التنفيذية ومذكراته الإيضاحية، على أن يبدأ العمل بهذا النظام اعتباراً من 1 كانون الثاني من هذا العام 2002.
ووافق المجلس على البرنامج الزمني للاتحاد النقدي، ودعا إلى تطبيق قرار المجلس بشأن اعتماد الدولار مثبتاً مشتركاً لعملات دول الخليج في موعد أقصاه عام 2002، ووجه المجلس لجنة التعاون المالي والاقتصادي ولجنة المحافظين بالاتفاق على معايير الأداء الاقتصادي اللازم لنجاح الاتحاد النقدي وذلك في موعد أقصاه نهاية عام 2005 تمهيداً لإطلاق العملة المحددة في موعد أقصاه الأول من كانون الثاني عام 2010.

القضايا السياسية
2- واعتبر المجلس أن التدهور الحاصل في الضفة الغربية وقطاع غزة يعود أساسه إلى استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية ودعا إلى تعزيز الوحدة الوطنية والتفافها حول السلطة الفلسطينية ورئيسها ياسر عرفات، وذلك من أجل استعادة حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة كافة، بما في ذلك حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على ترابه وعاصمتها القدس، كما أكد المجلس على ضرورة انسحاب إسرائيل الكامل من مرتفعات الجولان السورية المحتلة إلى خط الرابع من حزيران عام 1967 واستكمال الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية إلى الحدود المعترف بها دولياً بما في ذلك أراضي مزارع شبعا وفقاً لقراري مجلس الأمن الدولي 425 و426 وإطلاق سراح جميع الأسرى والمخطوفين اللبنانيين في السجون الإسرائيلية.
قرارات.. أخرى
3 ـ كما اتخذ المجلس قرارات أخرى عديدة كالعلاقة مع إيران وحق الإمارات في الجزر الثلاث وضم اليمن بشكل أولي للعمل الجماعي للتعاون، والموقف من العراق وترحيبه بتشكيل الحكومة الأفغانية والدعوة لمحاربة الإرهاب. وتطرق البيان إلى التوتر الحاصل بين الهند وباكستان ودعا إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس ومعالجة أسباب التوتر سلمياً، وأعلن المجلس أيضاً رفضه لتوجيه ضربة لأي دولة عربية، ومسألة الدفاع المشترك والأمن الخليجي وغيرها من القضايا التي ورد ذكرها في البيان الختامي.

ملاحظات على البيان
1- إن اعتبار الدولار مثبتاً مشتركاً لعملات دول الخليج فيه مجازفة وخطر على اقتصادها حيث ان الأزمات التي أصابت الولايات المتحدة بعد أحداث 11 أيلول وما قبلها أيضاً قد انعكست سلباً على دول العالم بما فيها العالم العربي، وخصوصاً الدول الخليجية التي خسرت المليارات من الدولارات نتيجة هبوط أسعار الأسهم، وكان الأجدى بهذه الدول أن لا تربط نفسها بعجلة عملة واحدة، بل بعدة عملات وخصوصاً بعد أن صار «اليورو» العملة الموحدة لكثير من دول الاتحاد الأوروبي التي تشكل القوة الاقتصادية الثانية في العالم.
2- إن ترحيب قادة المجلس ببيان الرئيس بوش بشأن قيام دولة فلسطينية وكذلك وزير خارجيته كولن باول فيه تسرع، لأن هذا التأييد جاء عاماً و... إذ لم يحدد ما هي هذه الدولة وحدودها، ودون ذكر مسألة المستوطنات وقضية اللاجئين، مما يثير الشكوك في نوايا واشنطن.
كما أن المجلس لم يوجه أي نقد للدعم الأمريكي الصريح لشارون في عدوانه على الشعب الفلسطيني ومؤسساته الرسمية.
وفي الوقت نفسه لم يتطرق المجلس إلى مسألة علاقة بعض دول الخليج بالدولة الصهيونية ولم يدع إلى قطع العلاقة مع حكومة شارون المجرمة بحق الشعب الفلسطيني. وهذا يشير بوضوح إلى وقوع هذه الدول تحت الضغوط الأمريكية. وقد ظهر الموقف الصريح للدول الخليجية في المؤتمر الأخير لوزراء الخارجية العرب، مما يشير إلى أن أقوال هؤلاء الحكام تختلف عن أفعالهم، وهم باستمرار لهم لسانان ووجهان، مع شعوبهم ومع أسيادهم فيما وراء المحيط. > >

معلومات إضافية

العدد رقم:
166